(فَلم أر فِيمَا سَاءَنِي غير شامت ... وَلم أر فِيمَا سرني غير حَاسِد)
وَله:
(أعيناي كفا عَن فُؤَادِي فَإِنَّهُ ... من الْبَغي سعى اثْنَيْنِ فِي قتل وَاحِد)
قلت: كَانَ يَنُوب عَن الْقُضَاة تَارَة بتستر، وَتارَة بعسكر مكرم وَفِي ذَلِك يَقُول:
(وَمن النوائب انني ... فِي مثل هَذَا الشّغل نَائِب)
(وَمن الْعَجَائِب أَن لي ... صبرا على هذي الْعَجَائِب)
وأرجان تخفف راؤها وتشدد. وَله، ويروي للغزي مِمَّا يقْرَأ طرداً وعكساً.
(مودته تدوم لكل هول ... وَهل كل مودته تدوم)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي القَاضِي عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض السبتي بمراكش، ومولده بسبته سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، أحد الْأَئِمَّة الْحفاظ الْمُحدثين الأدباء، وتآليفه وأشعاره شاهدة بذلك.
وَله: الْإِكْمَال شرح مُسلم. ومشارق الْأَنْوَار فِي غَرِيب الحَدِيث.
قلت: وَله الشِّفَاء استقضى بسبتة طَويلا فَحَمدَ، ثمَّ ولي غرناطة فَلم تطل مدَّته.
وَمن شعره:
(انْظُر إِلَى الزَّرْع وجاماته ... تحكي وَقد ماست أَمَام الرِّيَاح)
(كَتِيبَة خضراء مهزومة ... شقائق النُّعْمَان فِيهَا جراح)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا فِي الْمحرم أخذت الْعَرَب الْحجَّاج بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَلم يسلم مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل.
وفيهَا: حصر نور الدّين قلعة أفامية وتسلمها من الفرنج وحصنها بِالرِّجَالِ والذخائر.
قلت: وَفِي ذَلِك يَقُول أَبُو الْحُسَيْن بن مُنِير الطرابلسي:
(أنشرت يَا مَحْمُود مِلَّة أَحْمد ... من بعد مَا شَمل البلى آثارها)
(أدْركْت ثأرك فِي الْبُغَاة وَكنت ... يَا مُخْتَار أمة أَحْمد مختارها)
وَالله أعلم.
وفيهَا: حاصر الأذفونش صَاحب طليطلة قرطبة ثَلَاثَة أشهر وَلم يملكهَا.
وفيهَا: مَاتَ عَليّ بن دبيس بن صَدَقَة صَاحب الْحلَّة.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة: وفيهَا من الله تَعَالَى على نور الدّين بأسر جوسلين، وَكَانَ من أَشْجَع الفرنج، وَهزمَ نور الدّين مرّة، وَأسر وَقتل فِي أَصْحَابه حَتَّى أَخذ سلَاح نور الدّين وأرسله إِلَى مَسْعُود بن فلج أرسلان صَاحب قونية وآقسرا، وَقَالَ: هَذَا سلَاح زوج ابْنَتك، وسآتيك بعده بِمَا هُوَ أعظم مِنْهُ، فبذل نور الدّين الوعود فِيهِ، فَأسرهُ