(قلت إِن الْخمر مخبثة ... قَالَ حاشاها من الْخبث)
(قلت فالأرفاث تتبعها ... قَالَ طيب الْعَيْش فِي الرَّفَث)
(قلت مِنْهَا الْقَيْء قَالَ أجل ... شرفت عَن مخرج الْحَدث)
(وسأسلوهما فَقلت مَتى ... قَالَ عِنْد الْكَوْن فِي الجدث)
قلت: نَشأ بحصن كيفا، وَقَرَأَ الْأَدَب على التبريزي بِبَغْدَاد وأجاد فِي الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي، ثمَّ ولي خطابة ميافارقين، وَكَانَ إِلَيْهِ أَمر الْفَتْوَى واشتغل عَلَيْهِ النَّاس قَالَ فِيهِ الْعِمَاد الْأَصْفَهَانِي فِي الخريدة، كَانَ عَلامَة الزَّمَان فِي علمه، ومعري الأَصْل فِي نثره ونظمه.
أنْشد لَهُ بَعضهم خَمْسَة أَبْيَات كالخمسة السيارات وَهِي:
(أَشْكُو إِلَى الله من نارين وَاحِدَة ... فِي وجنتيه وَأُخْرَى مِنْهُ فِي كَبِدِي)
(وَمن سقامين سقم قد أحل دمي ... من الجفون وسقم حل فِي جَسَدِي)
(وَمن نمومين دمعي حِين أذكرهُ ... يذيع سري وواش مِنْهُ بالرصد)
(وَمن ضعيفين صبري حِين أذكرهُ ... ووده وَيَرَاهُ النَّاس طوع يَدي)
(مهفهف رق حَتَّى قلت من عجب ... أخصره خنصري أم جلده جلدي)
وَمن مليح شعره مغنياً:
(ومسمع غناءه ... يُبدل بالفقر الْغنى)
(أبصرته فَلم تخب ... فراستي لما دنا)
(وَقلت من ذَا وَجهه ... كَيفَ يكون محسناً)
(ورمت أَن أروج ... الظَّن بِهِ ممتحناً)
(فَقلت من بَينهم ... هَات أخي غن لنا)
(فاشتال مِنْهُ حَاجِب ... وحاجب مِنْهُ انحنى)
(وامتلأ الْمجْلس من ... فِيهِ غثاء منتناً)
(وَصَاح صَوتا مُنْكرا ... يخرج عَن حد الْبَنَّا)
(فَذا يسد أَنفه ... وَذَا يسد الأذنا)
(وَمِنْهُم جمَاعَة ... تستر عَنهُ الأعينا)
(فَقلت يَا قوم اسمعوا ... أما الْمُغنِي أَو أَنا)
(وَحين ولى شخصه ... قَرَأت فيهم مُعْلنا)
(الْحَمد لله الَّذِي ... أذهب عَنَّا الحزنا)
وَقد ذكرت بِهَذَا بَيْتَيْنِ لي فِي هجو مغن وهما:
(غنى لنا يَوْم ... فَمَاتَ بدار رفاقي)
(يَا ليتنا فِي حجاز ... إِذا شدا فِي الْعرَاق)