للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي رَأسه صَوت كصوت وَقع الْحَصَاة فِي الْقرعَة الْيَابِسَة من شدَّة المجاهدة وَأقَام فِي أول أمره فِي المفازات وَالْجِبَال والصحاري مُجَردا وسائحاً يَأْخُذ نَفسه بأنواع المجاهدات، وَكَانَت الْجبَال تألفه والهوام وَالسِّبَاع تألفه فِيهَا وَهُوَ أحد من تصدر لتربية المريدين الصَّادِقين بِبِلَاد الشرق، وانْتهى إِلَيْهِ تسليكهم وكشف مشكلات أَحْوَالهم، وَغسل تَاج العارفين أَبَا الْوَفَاء رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَهُوَ شَاب.

وَعَن الشَّيْخ الصَّالح أبي عبد الله مُحَمَّد بن كَامِل الْحُسَيْنِي البيساني قَالَ: سَمِعت الشَّيْخ الْعَارِف أَبَا مُحَمَّد شاورالسيني الْمحلي بهَا يَقُول: صنع الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد وَلِيمَة ودعا إِلَيْهَا جَمِيع مَشَايِخ الْعرَاق وعلمائها فَحَضَرُوا كلهم إِلَّا الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَالشَّيْخ عديا وَالشَّيْخ أَحْمد بن الرِّفَاعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِم، فَلَمَّا انْصَرف النَّاس قَالَ الْوَزير للخليفة: إِن الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَالشَّيْخ عديا وَالشَّيْخ أَحْمد لم يحضروا؟ فَقَالَ الْخَلِيفَة: فَكَأَن لم يحضر إِذن أحد، ثمَّ أَمر حَاجِبه أَن يَأْتِي الشَّيْخ عبد الْقَادِر فيدعوه وَأَن يبطق إِلَى جبل الهكار وَإِلَى أم عُبَيْدَة ليحضر الشَّيْخ عديا وَالشَّيْخ أَحْمد قَالَ: فَقَالَ لي الشَّيْخ عبد الْقَادِر قبل أَن يقوم الْحَاجِب من مجْلِس الْخَلِيفَة وَقبل أَن تسطر البطاقات: يَا شاور اذْهَبْ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي بِظَاهِر بَاب الحلبة تَجِد فِيهِ الشَّيْخ عدي بن مُسَافر وَمَعَهُ اثْنَان فادعهم إِلَيّ ثمَّ اذْهَبْ إِلَى مَقْبرَة الشونيزي تَجِد فِيهَا الشَّيْخ أَحْمد بن الرِّفَاعِي وَمَعَهُ اثْنَان فادعهم إِلَيّ، قَالَ: فَذَهَبت إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي بِظَاهِر الحلبة فَوجدت الشَّيْخ عديا وَمَعَهُ اثْنَان، فَقلت: يَا سَيِّدي أجب الشَّيْخ عبد الْقَادِر فَقَالَ: سمعا وَطَاعَة، وَقَامُوا فَذَهَبت مَعَهم فَقَالَ لي الشَّيْخ عدي: يَا شاور الا تذْهب إِلَى الشَّيْخ أَحْمد كَمَا امرك الشَّيْخ؟ قلت بلَى فَأتيت مَقْبرَة الشونيزي فَوجدت الشَّيْخ أَحْمد وَمَعَهُ اثْنَان فَقلت: يَا سَيِّدي أجب الشَّيْخ عبد الْقَادِر فَقَالَ: سمعا وَطَاعَة، وَقَامُوا فتوافى الشَّيْخَانِ فِي بَاب رِبَاط الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَقت الْمغرب فَقَامَ إِلَيْهِم الشَّيْخ وتلقاهم فَمَا لَبِثُوا غير يسير حَتَّى جَاءَ الْحَاجِب إِلَى الشَّيْخ فوافاهما عِنْده فأسرع إِلَى الْخَلِيفَة وَأخْبرهُ باجتماعهم، فَكتب الْخَلِيفَة إِلَيْهِم بِخَطِّهِ يسألهم الْحُضُور وَبعث إِلَيْهِم وَلَده وحاجبه فَأَجَابُوهُ وذهبوا، وَأَمرَنِي الشَّيْخ بِالْمَسِيرِ مَعَه، فَلَمَّا كُنَّا بالشط إِذا الشَّيْخ عَليّ بن الهيتي رَحْمَة الله عَلَيْهِ فَتَلقاهُ الْمَشَايِخ وَسَار مَعَهم فَأتى بِنَا إِلَى دَار حَسَنَة وَإِذا الْخَلِيفَة فِيهَا قَائِم مشدود الْوسط وَمَعَهُ خادمان وَلَيْسَ فِي الدَّار سواهُم، فَتَلقاهُمْ الْخَلِيفَة وَقَالَ لَهُم: يَا سادة إِن الْمُلُوك إِذا اجتازوا برعاياهم بسطوا لَهُم الْحَرِير ليطؤه، وَوضع لَهُم ذيله وسألهم أَن يمشوا عَلَيْهِ فَفَعَلُوا، وانْتهى بِنَا إِلَى سماط مُهَيَّأ فجلسوا وأكلوا وأكلنا مَعَهم، ثمَّ خَرجُوا وَأتوا إِلَى زِيَارَة قبر الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت لَيْلَة شَدِيدَة الظلمَة فَجعل الشَّيْخ عبد الْقَادِر كلما مر بِحجر أَو خَشَبَة أَو جِدَار أَو قبر أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَيْهِ فيضيء كضوء الْقَمَر ويمشون فِي نوره إِلَى أَن يَنْتَهِي ضوءه فيشير الشَّيْخ إِلَى آخر فيضيء وَمَا زَالُوا يَمْشُونَ فِي النُّور وَلَيْسَ فيهم من يتَقَدَّم الشَّيْخ عبد الْقَادِر إِلَى قبر الإِمَام أَحْمد، فَدخل الْمَشَايِخ الْأَرْبَعَة يزورون ووقفنا على بَاب المزار حَتَّى خَرجُوا فَلَمَّا أَرَادوا ان يتفرقوا قَالَ الشَّيْخ عدي

<<  <  ج: ص:  >  >>