للشَّيْخ عبد الْقَادِر: أوصني، قَالَ: أوصيك بِالْكتاب وَالسّنة ثمَّ تفَرقُوا.
وَعَن خَادِم الشَّيْخ عدي قَالَ: خدمته سبع سِنِين، وَشهِدت لَهُ خارقات إِحْدَاهمَا إِنِّي صببت على يَدَيْهِ يَوْمًا مَاء فَقَالَ لي: مَا تُرِيدُ؟ فَقلت أُرِيد تِلَاوَة الْقُرْآن فَإِنِّي لَا أحفظ مِنْهُ سوى الْفَاتِحَة وَسورَة الْإِخْلَاص وَحفظه عَليّ عسير جدا فَضرب بِيَدِهِ فِي صَدْرِي فَحفِظت الْقُرْآن كُله فِي وقتي، وَقلت لَهُ يَوْمًا: يَا سَيِّدي أَرِنِي شَيْئا من المغيبات فَأَعْطَانِي منديله وَقَالَ: ضَعْهُ على وَجهك فَوَضَعته، ثمَّ قَالَ لي: ارفعه فَرَفَعته فَرَأَيْت الْمَلَائِكَة الْكَاتِبين وَرَأَيْت مَا يسطرونه من أَعمال الْخَلَائق فأقمت على هَذِه الْحَالة ثَلَاثَة أَيَّام فتكدر عَليّ عيشي فاستغثت إِلَيْهِ، فَوضع ذَلِك المنديل على وَجْهي ثمَّ رفعته فاستتر عني ذَلِك الْأَمر كُله.
قَالَ: وَوصف لي يَوْمًا الشَّيْخ عقيلاً المنبجي وَهُوَ شيخ الشَّيْخ عدي فأطنب فِي ذكره. فَقلت: يَا سَيِّدي هَل لَك ان ترينيه فَأَعْطَانِي مرْآة وَأَمرَنِي أَن انْظُر فِيهَا فَنَظَرت شخصي ثمَّ توارى عني شخصي وَظهر لي شخص أرَاهُ وَلَا يخفي عني من وَجهه شَيْء فَقَالَ لي الشَّيْخ عدي: تأدب فَإِنَّهُ الشَّيْخ عقيل ودمت سَاعَة طَوِيلَة أنظرهُ كَذَلِك ثمَّ توارى عني وَظهر لي شخصي.
وَهُوَ الشَّيْخ شرف الدّين أَبُو الْفَضَائِل عدي بن مُسَافر بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى بن مَرْوَان بن الْحسن بن مَرْوَان بن الحكم بن مَرْوَان الْأمَوِي.
وَفِي هَذَا الْكتاب الْمَذْكُور أَن أَصله من حوران، وَأَنه توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة بلاكش.
وَكَانَ فَقِيها عَالما فصيحاً رَحْمَة الله عَلَيْهِ وعلينا، بِهِ ولعمري مَا أنصف الْمُؤلف فِي تَرْجَمته، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة: فِيهَا فِي صفر وزر شاور للعاضد الْعلوِي كَانَ يخْدم الصَّالح طلائع بن زريك فولاه الصَّعِيد ثمَّ عَزله الْوَزير الْعَادِل بن الصَّالح بن زريك فَجمع شاور جموعه وقصده فهرب وطرده وأمسكه وَقَتله وانقرضت بِهِ دولة بني زريك.
وَفِيه يَقُول عمَارَة اليمني:
(ولت ليَالِي بني زريك وانصرمت ... والمدح وَالشُّكْر فيهم غير منصرم)
(كَأَن صَالحهمْ يَوْمًا وَعَاد لَهُم ... فِي صدر ذَا الدست لم يقْعد وَلم يقم)
ووزر شاور وتلقب بأمير الجيوش وَأخذ أَمْوَال بني زريك، ثمَّ جمع الضرغام ونازعه فِي الوزارة فِي رَمَضَان، فَانْهَزَمَ شاور واستنجد بِنور الدّين، وَتمكن ضرغام وَقتل كثيرا من أُمَرَاء المصريين، فضعفت الدولة بذلك حَتَّى خرجت الْبِلَاد من أَيْديهم.
وفيهَا: فِي جمادي الْآخِرَة توفّي عبد الؤمن بن عَليّ فِي سلا وَأخْبر عِنْد مَوته أَن ابْنه