جُمَادَى الأولى، وَشن الغارات على الفرنج فطلعت الفرنج وَهُوَ فِي بعض الْعَسْكَر فَقَاتلهُمْ أَشد قتال فَقتل أَحْمد بن تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بعد أثر جيد فِي الفرنج، وقاربت حملات الفرنج السُّلْطَان فَانْهَزَمَ إِلَى مصر على الْبَريَّة وَمَعَهُ من سلم فَلَقوا مشقة وعطشاً، وَهلك دَوَاب كَثِيرَة، وَأسر الفرنج الْعَسْكَر المتفرق فِي الإغارة، وَأسر الْفَقِيه عِيسَى من أكبر أَصْحَاب صَلَاح الدّين، فافتداه بعد سِنِين بستين ألف دِينَار، وَكتب بِخَط يَده إِلَى أَخِيه توران شاه بِدِمَشْق يذكر لَهُ ذَلِك، وَفِي أَوله:
وفيهَا: قبض الْملك الصَّالح على كمشتكين متغلباً على الْأَمر، وَكَانَت لَهُ حارم، فعذب كمشتكين وَأَصْحَابه فِيهَا يرونه ليسلموا قلعة حارم فأصروا على الِامْتِنَاع حَتَّى مَاتَ من الْعَذَاب وَوصل الفرنج من حِصَار حماه، وحصروا حارم أَرْبَعَة أشهر، فداراهم الصَّالح بِمَال فرحلوا عَنْهَا بعد بُلُوغ أَهلهَا الْجهد، ثمَّ أرسل الْملك الصَّالح عسكراً حصروها وتسلموها، فاستناب بقلعتها سرخك مَمْلُوك أَبِيه.
وفيهَا: فِي الْمحرم خطب للسُّلْطَان طغرل بك بن أرسلان بن طغرل بك بن مُحَمَّد بن ملك شاه، الْمُقِيم بِبِلَاد إيلدكز، وَكَانَ أَبوهُ أرسلان الْمُقدم ذكره قد توفّي.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة عبر عضد الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن هبة الله وَزِير الْخَلِيفَة دجلة عَازِمًا على الْحَج فَقتله الإسماعيلية وَحمل مجروحاً إِلَى منزله فَمَاتَ ومولده سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا أرسل صَلَاح الدّين إِلَى شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الْمُقدم ليسلم بعلبك إِلَى توران شاه حَسْبَمَا سَأَلَهُ، فعصى بهَا، فَأرْسل صَلَاح الدّين، وحصره طَويلا، ثمَّ عوض عَنْهَا وَسلمهَا إِلَى توران شاه.
وفيهَا: كَانَ غلاء، وَتَبعهُ وباء، وفيهَا: سير صَلَاح الدّين ابْن أَخِيه تَقِيّ الدّين عمر إِلَى حماه، وَابْن عَمه مُحَمَّد بن شيركوه إِلَى حمص فاستقرا بهما. وفيهَا: توفّي سعد بن مُحَمَّد بن سعد الحيص بيص الشَّاعِر.