وفيهَا: سَار أَمِير الْحَاج الْعِرَاقِيّ طاشتكين وَأمره الْخَلِيفَة بعزل صَاحب مَكَّة مكثر بن عِيسَى فَقَاتلهُمْ فَانْهَزَمَ مكثر وَأقَام أَخَاهُ دَاوُد مَكَانَهُ بِمَكَّة.
وفيهَا: فِي رَمَضَان قدم شمس الدّين توران شاه بن أَيُّوب من الْيمن إِلَى الشَّام وَكتب إِلَى أَخِيه صَلَاح الدّين أبياتاً من شعر ابْن المنجم الْمصْرِيّ الدَّار والوفاة المعري الأَصْل وَهُوَ نَشأ الْملك أبي الْحسن عَليّ بن مفرج وَهِي:
(وإلي صَلَاح الدّين أَشْكُو أنني ... من بعده مضني الجوانح مولع)
(جزعاً لبعد الدَّار عَنهُ وَلم أكن ... لَوْلَا هَوَاهُ لبعد دَار أجزع)
(ولأركبن إِلَيْهِ متن عزائمي ... ويخب بِي ركب الغرام ويوسع)
(ولأسرين اللَّيْل لَا يسري بِهِ ... طيف الخيال وَلَا البروق اللمع)
(وأقد من إِلَيْهِ قلبِي مخبرا ... إِنِّي بجسمي عَن قريب أتبع)
(حَتَّى أشاهد مِنْهُ أسعد طلعة ... من أفقها صبح السَّعَادَة يطلع)
وفيهَا: توفّي الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي نور الدّين من أَعْيَان الشَّافِعِيَّة والمحدثين لَهُ تَارِيخ دمشق ثَمَانُون مجلداً فِيهِ غرائب، وَولد سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة.
قلت: وَمن شعره وَلَا باس بِهِ.
(إِلَّا إِن الحَدِيث أجل علم ... وأشرفه الْأَحَادِيث العوالي)
(وأنفع كل نوع مِنْهُ عِنْدِي ... وَأحسنه الْفَوَائِد فِي الأمالي)
(وَإنَّك لن ترى للْعلم شَيْئا ... تحَققه كأفواه الرِّجَال)
(فَكُن يَا صَاح ذَا حرص عَلَيْهِ ... وخذه عَن الرِّجَال بِلَا ملال)
(وَلَا تَأْخُذهُ من صحف فترمى ... من التَّصْحِيف بالداء العضال)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا نهب وَخرب وأحرق صَلَاح الدّين بلد الإسماعيلية وَحصر قلعة مصيات فَسَأَلَهُ شهَاب الدّين الجارمي صَاحب حماه خَال صَلَاح الدّين الصفح عَنْهُم بسؤال سِنَان فَرَحل عَنْهُم إِلَى مصر وَكَانَ بعيد عهد بهَا وَقد قرر الشَّام فَأمر بِبِنَاء السُّور الدائر على مصر والقاهرة والقلعة على جبل المقطم، ودور ذَلِك تِسْعَة وَعِشْرُونَ ألف ذِرَاع وثلاثمائة ذِرَاع بالذراع القاسمي وَلم يزل الْعَمَل فِيهِ حَتَّى مَاتَ صَلَاح الدّين.
وفيهَا: بنى صَلَاح الدّين الْمدرسَة على قبر الإِمَام الشَّافِعِي بالقرافة بِمصْر والمارستان بِالْقَاهِرَةِ.
وفيهَا: توفّي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم الشهرزوري قَاضِي الشَّام
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا وصل صَلَاح الدّين إِلَى عسقلان فِي