وفيهَا: كَانَ حصن رعبان بيد شمس الدّين بن الْمُقدم فطمع فِيهِ قلج أرسلان بن مَسْعُود بن قلج أرسلان صَاحب الرّوم فَأرْسل نَحْو عشْرين الْفَا ليحصروه فَسَار إِلَيْهِم تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه فِي ألف فَارس فَهَزَمَهُمْ.
وفيهَا: ثَانِي ذِي الْقعدَة توفّي المستضىء بِأَمْر الله الْحسن بن المستنجد وَأمه أم ولد أرمنية، وخلافته نَحْو تسع سِنِين وَسَبْعَة أشهر، ومولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة، وَكَانَ حسن السِّيرَة، حكم فِي دولته الظهير أَبُو بكر بن الْعَطَّار بعد قتل الْوَزير عضد الدّين، فَأخذ ابْن الْعَطَّار بعده الْبيعَة لِابْنِهِ النَّاصِر لدين الله وَهُوَ الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ مِنْهُم فَحكم أستاذ الدَّار مجد الدّين أَبُو الْفضل فَقبض فِي سَابِع ذِي الْقعدَة على ظهير الدّين بن الْعَطَّار وَنقل إِلَى التَّاج وَأخرج مَيتا على رَأس حمال لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة، فألقته الْعَامَّة عَن رَأس الْحمال، وسحب بِحَبل فِي ذكره، وَوَضَعُوا فِي يَده مغرفة، مغموسة فِي الْعذرَة وَيَقُولُونَ: وَقع لنا يَا مَوْلَانَا هَذَا. مَعَ حسن سيرته وعفته عَن أَمْوَالهم، ثمَّ خلص وَدفن.
وفيهَا: عوض صَلَاح الدّين أَخَاهُ توران شاه بالإسكندرية عَن بعلبك حسب سُؤَاله. وأقطع بعلبك لفرخشاه بن شاهنشاه بن أَيُّوب، وَأقَام توران شاه بالإسكندرية وَبهَا مَاتَ.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا فِي ثَالِث صفر توفّي سيف الدّين غَازِي بن مودود بن زنكي صَاحب الْموصل والجزيرة بالسل وعمره نَحْو ثَلَاثِينَ وولايته عشر سِنِين وَكسر، وَكَانَ مليح الثِّيَاب أَبيض عَاقِلا عادلاً عفيفاً غيوراً وَأوصى بِالْملكِ إِلَى أَخِيه مَسْعُود، وَأعْطى ابْنه سنجر شاه بن غَازِي الجزيرة وقلاعها وَكَانَ مُدبر الدولة مُجَاهِد الدّين قيماز.
وفيهَا: وصل صَلَاح الدّين رعبان فَصَالحه قلج أرسلان صَاحب الرّوم، فَرجع عَنهُ وَشن الغارات على بِلَاد ابْن لبون الأرمني، فَصَالحه على مَال وَأسرى.
وفيهَا: توفّي توران شاه بالإسكندرية، وَكَانَ لَهُ مَعَ الْإسْكَنْدَريَّة أَكثر الْيمن، مَاتَ وَعَلِيهِ مِائَتَا ألف دِينَار غير مَا كَانَ يحمل إِلَيْهِ من الْيمن، وَدخل الْإسْكَنْدَريَّة لسخائه، فَقضى صَلَاح الدّين دينه لما عَاد إِلَى مصر فِي شعْبَان مِنْهَا، واستخلف صَلَاح الدّين بِالشَّام ابْن أَخِيه فرخشاه بن شاهنشاه بن أَيُّوب صَاحب بعلبك.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا عزم الْبُرْنُس صَاحب الكرك على