للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعيد، ولقوه بعد ثَلَاثَة أَيَّام فاعتدوا مقدمه عيداً وظنوا أَنهم أنشأوا خلقا جَدِيدا.

ثمَّ جرى بَين جلال الدّين وَبَين أهل تِلْكَ الْبِلَاد وقائع انتصر هُوَ فِيهَا، وَوصل إِلَى لهاوور من الْهِنْد، وَلما عزم على الْعود إِلَى جِهَة الْعرَاق استناب بهلوان أزبك على مَا يملكهُ من بِلَاد الْهِنْد، واستناب مَعَه حسن فرات، ولقبه وفا ملك وَفِي سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة طردوفاً ملك بهلوان أزبك، وَاسْتولى على بِلَاده وَوصل جلال الدّين إِلَى كرمان سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة وقاسى وَهُوَ وَعَسْكَره فِي البراري القاطعة بَين كرمان والهند شَدَائِد، وَوصل مَعَه أَرْبَعَة آلَاف رجل بَعضهم ركاب أبقار وَبَعْضهمْ ركاب حمير.

ثمَّ سَار جلال الدّين إِلَى خوزستان وَاسْتولى عَلَيْهَا ثمَّ على أذربيجان ثمَّ على كنجة وَسَائِر بِلَاد أران، ثمَّ نقل أَبَاهُ من الجزيرة إِلَى قلعة أردهن وَدَفنه بهَا، وَلما استولى التتر على هَذِه القلعة نبشوه وأحرقوه وَهَذَا فعلهم فِي كل ملك عرفُوا قَبره فَإِنَّهُم أحرقوا عِظَام مَحْمُود بن سبكتكين بغزنة.

ثمَّ ذكر اسْتِيلَاء جلال الدّين على خلاط وَغَيره ذَلِك، ثمَّ ذكر نُزُوله على جسر قرب آمد وإرساله يستنجد الْأَشْرَف بن الْعَادِل فَلم ينجده وعزم جلال الدّين على الْمسير إِلَى أَصْبَهَان، ثمَّ انثنى عزمه، وَبَات بمنزله، وَشرب تِلْكَ اللَّيْلَة، وسكر سكرا اصحاه مِنْهُ النَّدَم، وأوجد لَهُ الْعَدَم وأحاط التتر بِهِ وبعسكره مصبحين.

(فمساهم وبسطهم حَرِير ... وصبحهم وبسطهم تُرَاب)

(وَمن فِي كَفه مِنْهُم قناة ... كمن فِي كَفه مِنْهُم خضاب)

وأحاطت التتر بخركاه جلال الدّين وَهُوَ نَائِم سَكرَان فَحمل أزخان وكشف التتر عَن الخركاه وَدخل بعض الْخَواص وَأخذ بيد جلال الدّين وَأخرجه وَعَلِيهِ طاقية بَيْضَاء فأركبه الْفرس وسَاق أزخان مَعَ جلال الدّين، وَتَبعهُ التتر فَقَالَ جلال الدّين لأزخان: انْفَرد عني بِحَيْثُ يشْتَغل التتر بتتبع سوادك، وَكَانَ ذَلِك خطأ مِنْهُ فَإِن أزخان تبعه نَحْو أَرْبَعَة آلَاف من الْعَسْكَر وقصدوا أَصْبَهَان وَاسْتولى عَلَيْهَا مُدَّة، وَلما انْفَرد جلال الدّين عَن أزخان سَار إِلَى باشورة آمد فَمَا مكنوه من الدُّخُول فَسَار إِلَى قَرْيَة من قرى ميافارقين طَالبا شهَاب الدّين بن الْملك الْعَادِل صَاحب ميافارقين.

ثمَّ لحقه التتر فِي تِلْكَ الْقرْيَة فهرب جلال الدّين إِلَى جبل هُنَاكَ أكراد يتخطفون النَّاس فَأَخَذُوهُ وشلحوه وَأَرَادُوا قَتله فَقَالَ جلال الدّين لأَحَدهم: إِنِّي أَنا السُّلْطَان فاستبقني أجعلك ملكا، فَجعله الْكرْدِي عِنْد امْرَأَته وَمضى إِلَى الْجَبَل، فَحَضَرَ كردِي مَعَه حَرْبَة، وَقَالَ للْمَرْأَة: لم لَا تقتلون هَذَا الْخَوَارِزْمِيّ؟ فَقَالَت الْمَرْأَة: قد أَمنه زَوجي، فَقَالَ الْكرْدِي إِنَّه السُّلْطَان، وَقد قتل لي أَخا بخلاط خيرا مِنْهُ، وضربه بالحربة فَقتله.

وَكَانَ أسمر قَصِيرا تركي الشارة والعبارة وَيتَكَلَّم أَيْضا بِالْفَارِسِيَّةِ، كَاتب الْخَلِيفَة بِمَا كَاتبه أَبوهُ، فَكَانَ يكْتب خادمه المطواع منكرتي وكاتبه بعد أَخذ خلاط بِعَبْدِهِ، وَكَانَ يُخَاطب

<<  <  ج: ص:  >  >>