وفيهَا: توفّي الصّلاح الإربلي فَاضل شَاعِر محظي عِنْد الْملكَيْنِ الْكَامِل والأشرف ابْني الْعَادِل.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا عَاد الْكَامِل من الشرق إِلَى مصر وكل ملك إِلَى بَلَده للتخاذل الَّذِي تقدم.
وفيهَا: توفّي الْملك الزَّاهِر دَاوُد صَاحب البيرة بن السُّلْطَان صَلَاح الدّين مرض فِي الْعَسْكَر وَحمل إِلَى البيرة وَتُوفِّي بهَا، وملكها بعده ابْن أَخِيه الْملك الْعَزِيز صَاحب حلب والزاهر شَقِيق الظَّاهِر صَاحب حلب.
وفيهَا: توفّي القَاضِي بهاء الدّين يُوسُف بن رَافع بن تَمِيم بن شَدَّاد، وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ شَدَّاد، وَقد يكون فِي نسب أمه، فاشتهر بِهِ أَصله من الْموصل.
وَكَانَ قَاضِي عَسْكَر صَلَاح الدّين، وَتُوفِّي صَلَاح الدّين وَعمر القَاضِي نَحْو خمسين سنة، ونال عِنْد أَوْلَاد صَلَاح الدّين وَعند الأتابك طغرل بك منزلَة قل أَن تنَال، وَصَارَ قَاضِي حلب، وأقطعه الْعَزِيز فِي السّنة مَا يزِيد على مائَة ألف دِرْهَم، وَكَانَ فَاضلا دينا.
قلت: وَعمر بحلب دَار حَدِيث ومدرسة متلاصقتين، وَجعل تربته بَينهمَا، فَقَالَ بعض النَّاس: هَذِه تربة بَين روضتين، وَرَجا أَن تشمله بركَة الْعلم مَيتا كَمَا شملته حَيا وَأَن يكون فِي قَبره من سَماع الحَدِيث وَالْفِقْه بَين الرّيّ والريا.
(رُبمَا أنعش الْمُحب عيان ... من بعيد أَو زورة من خيال)
(أَو حَدِيث وَإِن أُرِيد سواهُ ... فسماع الحَدِيث نوع وصال)
وَالله أعلم.
وفيهَا: ولد الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد بن الْملك المظفر صَاحب حماه فِي يَوْم الْخَمِيس لليلتين بَقِيَتَا من ربيع الأول وَقد قدم المظفر من خدمَة الْملك الْكَامِل قبله بيومين فَقَالَ الشَّيْخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد مهنئاً بقدوم الْوَالِد وَالْولد فِي قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا:
(غَدا الْملك محروس الذرى وَالْقَوَاعِد ... بأشرف مَوْلُود لأشرف وَالِد)
(حبينا بِهِ يَوْم الْخَمِيس كَأَنَّهُ ... خَمِيس بدا للنَّاس فِي شخص وَاحِد)
(وسميته باسم النَّبِي مُحَمَّد ... وجديه فاستوفى جَمِيع المحامد)
اسْم جديه الْكَامِل مُحَمَّد وَالِد والدته، والمنصور صَاحب حماه وَالِد وَالِده وَمِنْهَا:
(كَأَنِّي بِهِ فِي غَزَّة الْملك جَالِسا ... وَقد سَاد فِي أَوْصَافه كل سائد)
(ووافاك من أبنائه وبنيهم ... بأنجم سعد نورها غير خامد)
(أَلا أَيهَا الْملك المظفر دَعْوَتِي ... سيورى بهَا زندي ويشتد ساعدي)
(هَنِيئًا لَك الْملك الَّذِي بقدومه ... ترحل عَنَّا كل هم معاود)
وفيهَا: حصر كيقباذ صَاحب الرّوم حران والرها، وملكهما من الْملك الْكَامِل بعد عوده.