وفيهَا: توفّي بِالْقَاهِرَةِ الْقَاسِم بن عمر بن الْحَمَوِيّ الْمصْرِيّ الدَّار ابْن الفارض، وَله أشعار جَيِّدَة، مِنْهَا التائية على طَريقَة التصوف نَحْو سِتّمائَة بَيت.
قلت وفيهَا: توفّي الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عموية وَهُوَ عبد الله بن سعد بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن سعد بن النَّضر بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُم.
وَكَانَ شَيخا صَالحا ورعاً فَقِيها شافعياً كثير الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة والرياضة وَتخرج عَلَيْهِ خلق كثير من الصُّوفِيَّة فِي المجاهدة وَالْخلْوَة، مِنْهُم شَيخنَا الْعَارِف ذُو الْفَضَائِل والكرامات تَاج الدّين جَعْفَر بن مَحْمُود بن سيف السراج الْحلَبِي، وَسَيَأْتِي ذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
صحب الشَّيْخ شهَاب الدّين عَمه أَبَا النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمويه التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ وَأخذ عَنهُ التصوف والوعظ، وَالشَّيْخ محيي الدّين عبد الْقَادِر بن أبي صَلَاح الجيلي وَانْحَدَرَ إِلَى الْبَصْرَة إِلَى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن عبدون وَرَأى غَيره من الشُّيُوخ.
وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْخلاف وَالْأَدب، وَصَارَ شيخ الشُّيُوخ بِبَغْدَاد، وَكَانَ لَهُ فِي الْوَعْظ نفس مبارك، أنْشد يَوْمًا على الْكُرْسِيّ وَإِن كَانَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر قد أنْشد ذَلِك قبله:
(لَا تَسْقِنِي وحدي فَمَا عودتني ... إِنِّي أشح بهَا على جلاسي)
(أَنْت الْكَرِيم وَلَا يَلِيق تكرما ... أَن يعبر الندماء دور الكاس)
فتواجد النَّاس لذَلِك وَقطعت شُعُور كَثِيرَة وَتَابَ جمع كثير، وَله تآليف حَسَنَة مِنْهَا عوارف المعارف.
وَمن شعره:
(تصرمت وَحْشَة اللَّيَالِي ... وَأَقْبَلت دولة الْوِصَال)
(وَصَارَ بالوصل لي حسوداً ... من كَانَ فِي هجركم رثي لي)
(وحقكم بعد إِذْ حصلتم ... بِكُل مَا فَاتَ لَا أُبَالِي)
(تقاصرت عَنْكُم قُلُوب ... فيا لَهُ مورداً حلالي)
(عَليّ مَا للورى حرَام ... وحبكم فِي الحشا جلالي)
(تشربت أعظمي هواكم ... فَمَا لغير الْهوى وَمَالِي)
(وَمَا على عادم أجاجا ... وَعِنْده أعين الزلَال)
قَالَ ابْن خلكان: حكى لي من حضر مَجْلِسه ذَلِك كُله، قَالَ: وَرَأَيْت جمَاعَة مِمَّن حَضَرُوا مَجْلِسه وقعدوا فِي حَضرته وتسليكه كجاري عادي الصُّوفِيَّة وَكَانُوا يحكون غرائب مَا يجْرِي لَهُم من الْأَحْوَال وَمَا يطْرَأ عَلَيْهِم من الخارقات، وَكَانَ كثير الْحَج وَرُبمَا جاور فِي بعض حججه.
وَكَانَ مَشَايِخ عصره يَكْتُبُونَ إِلَيْهِ من الْبِلَاد فَتَاوَى يسألونه عَن شَيْء من أَحْوَالهم، كتب إِلَيْهِ بَعضهم: يَا سَيِّدي إِن تركت الْعَمَل أخلدت إِلَى البطالة وَإِن عملت داخلني الْعجب.