سلطنوا عز الدّين أيبك التركماني الجاشنكير الصَّالِحِي خشيَة من فَسَاد الْحَال بتملك الْمَرْأَة، وَركب بالصناجق السُّلْطَانِيَّة والغاشية بَين يَدَيْهِ آخر ربيع الآخر مِنْهَا.
ولقب بالمعز وَبَطلَت السِّكَّة وَالْخطْبَة الَّتِي باسم شَجَرَة الدّرّ، ثمَّ رَأَوْا أَنه لَا بُد من إِقَامَة شخص من بني أَيُّوب فِي السلطنة فاتفقوا على إِقَامَة الْأَشْرَف مُوسَى بن يُوسُف بن يُوسُف صَاحب الْيمن الْمَعْرُوف بأقسيس بن الْكَامِل بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب وَجعلُوا ايبك التركماني أتابكة.
وأجلس الْأَشْرَف أقسيس فِي دست الْملك: والأشراف فِي خدمته يَوْم الْخَمِيس خَامِس جُمَادَى الأولى مِنْهَا، وَكَانَ حِينَئِذٍ بغزة جمَاعَة من عَسْكَر مصر مقدمهم خَاص ترك فَسَار إِلَيْهِم عَسْكَر دمشق فاندفعوا عَن غَزَّة إِلَى الصالحية بالسائح واتقفوا على طَاعَة المغيث صَاحب الكرك.
وفيهَا: سَار الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن الْعَزِيز بعساكره من دمشق وَمَعَهُ من مُلُوك بَيته الصَّالح إِسْمَاعِيل بن الْعَادِل بن أَيُّوب والأشرف مُوسَى صَاحب حمص، وَله حِينَئِذٍ تل بَاشر والرحبة وتدمر، والمعظم توران شاه بن السُّلْطَان صَلَاح الدّين وأخو الْمُعظم نصْرَة الدّين والأمجد حسن وَالظَّاهِر شاذي ابْنا النَّاصِر دَاوُد بن الْمُعظم عِيسَى بن الْعَادِل بن أَيُّوب، وتقي الدّين عَبَّاس بن الْعَادِل بن أَيُّوب ومقدم الْجَيْش شمس الدّين لُؤْلُؤ الأميني الأرمني وَإِلَيْهِ تَدْبِير المملكة سَارُوا من دمشق يَوْم الْأَحَد منتصف رَمَضَان، فاهتم المصريون لقتالهم وبرزوا إِلَى السائح وَتركُوا الْأَشْرَف الْمُسَمّى بالسلطان بقلعة الْجَبَل وَأَفْرج أيبك التركماني حِينَئِذٍ عَن الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم والسعيد عبد الْملك ابْني الصَّالح إِسْمَاعِيل المعتقلين من اسْتِيلَاء الصَّالح أَيُّوب على بعلبك، وخلع عَلَيْهِمَا ليتوهم النَّاصِر يُوسُف صَاحب دمشق وحلب من أَبِيهِمَا.
والتقى المصريون والشاميون قرب العباسية يَوْم الْخَمِيس عَاشر ذِي الْقعدَة مِنْهَا فانكسر أَولا عَسْكَر مصر فخامر جمَاعَة من المماليك التّرْك العزيزية على النَّاصِر صَاحب دمشق،