وَثَبت الْمعز أيبك التركماني فِي قَلِيل من البحرية وانضاف إِلَيْهِ جمَاعَة من العزيزية مماليك وَالِد النَّاصِر.
وَلما انْكَسَرَ المصريون وتبعهم الشاميون وَلم يشكوا فِي النَّصْر بَقِي النَّاصِر تَحت الصناجق فِي جمَاعَة يسيرَة من المتعممين لَا يَتَحَرَّك من مَوْضِعه، فَحمل عَلَيْهِ الْمعز التركماني بِمن مَعَه فَانْهَزَمَ النَّاصِر طَالب الشَّام، ثمَّ حمل أيبك التركماني على عَسْكَر شمس الدّين لُؤْلُؤ فَهَزَمَهُمْ وَأسر شمس الدّين لُؤْلُؤ، وَضرب عُنُقه بَين يَدَيْهِ وعنق الْأَمِير ضِيَاء الدّين القيمري، وَأسر يَوْمئِذٍ الصَّالح إِسْمَاعِيل والأشرف صَاحب حمص والمعظم توران شاه بن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين بن أَيُّوب وَأَخُوهُ نصْرَة الدّين، وَوصل عَسْكَر الْملك النَّاصِر فِي أثر المنهزمين إِلَى العباسية وضربوا بهَا دهليز الْملك النَّاصِر وَلَا يَشكونَ أَن الْهَزِيمَة تمت على المصريين، فَلَمَّا بَلغهُمْ هرب الْملك النَّاصِر اخْتلفت آراؤهم، فَأَشَارَ بَعضهم بِدُخُول الْقَاهِرَة وتملكها وَلَو قدر ذَلِك لم يبْق مَعَ أيبك التركماني من يقاتلهم بِهِ، وَكَانَ هرب فَإِن غَالب المصريين وصلوا الصَّعِيد وَأَشَارَ بَعضهم بِالرُّجُوعِ إِلَى الشَّام، وَكَانَ مَعَهم تَاج الْمُلُوك بن الْمُعظم جريحاً، وَكَانَت الْوَقْعَة يَوْم الْخَمِيس، وَوصل المنهزمون من المصريين إِلَى الْقَاهِرَة فِي غَد الْوَقْعَة فَلم يشك أهل مصر فِي ملك النَّاصِر لمصر.
وخطب لَهُ يَوْم الْجُمُعَة الْمَذْكُورَة بقلعة الْجَبَل بِمصْر، وَأما الْقَاهِرَة فَلم يخْطب بهَا ذَلِك الْيَوْم لأحد.
ثمَّ وَردت إِلَيْهِم الْبُشْرَى بنصر البحرية وَدخل أيبك التركماني والبحرية الْقَاهِرَة يَوْم السبت ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة وَمَعَهُ الصَّالح إِسْمَاعِيل تَحت الِاحْتِيَاط وَغَيره من المعتقلين فحبسوا بقلعة الْجَبَل، وعقب ذَلِك أخرج أيبك التركماني أَمِين الدولة وَزِير الصَّالح إِسْمَاعِيل، وأستاذ دَاره يغموراً من الاعتقال وشنقهما على بَاب قلعة الْجَبَل رَابِع عشر ذِي الْقعدَة، وَفِي السَّابِع وَالْعِشْرين مِنْهُ: هجم جمَاعَة على الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن الْعَادِل بن أَيُّوب وَهُوَ يمص قصب سكر وأخرجوه فَقَتَلُوهُ بالقرافة وَدفن هُنَاكَ وعمره نَحْو خمسين وَأمه حظية رُومِية.
وفيهَا: بعد ذَلِك أرسل فَارس الدّين اقطاي بِثَلَاثَة آلَاف فَارس فاستولى على غَزَّة ثمَّ عَاد إِلَى مصر.
وفيهَا: وثب على الْمَنْصُور عمر صَاحب الْيمن مماليكه فَقَتَلُوهُ وَهُوَ عمر بن عَليّ بن رَسُول.
كَانَ أَبوهُ أستاذ دَار الْملك المسعود بن السُّلْطَان الْكَامِل، وَلما قصد المسعود الشَّام وَمَات بِمَكَّة إستناب الْمَذْكُور فاستقر نَائِبا بِالْيمن لبني أَيُّوب وَرهن إخْوَته بِمصْر لِئَلَّا يتغلب على الْيمن، وَاسْتمرّ نَائِبا بهَا حَتَّى مَاتَ قبل سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَاسْتولى على الْيمن بعده ابْنه عمر نَائِبا فَأرْسل من مصر أَعْمَامه ليعزلوه ويكونوا مَوْضِعه، فَقَتلهُمْ واستقل بِملك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute