حَفْص من أكبر أَصْحَاب ابْن تومرت بعد عبد الْمُؤمن.
وَتَوَلَّى عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص إفريقية نِيَابَة عَن بني عبد الْمُؤمن فِي سنة ثَلَاث وسِتمِائَة، وَمَات سلخ ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة، فَتَوَلّى أَبُو الْعَلَاء من بني عبد الْمُؤمن ثمَّ توفّي فَعَادَت إفريقية إِلَى ولَايَة الحفصيين.
وَتَوَلَّى مِنْهُم عبد الله بن عبد الْوَاحِد بن ذِي حَفْص سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة، وكما تولى ولى أَخَاهُ أَبَا زَكَرِيَّا يحيى بن قابس وأخاه أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْحَاق بِلَاد الجريد، ثمَّ خرج على عبد الله وَهُوَ على قابس أَصْحَابه ورجموه وطردوه وولوا مَوْضِعه أَبَا زَكَرِيَّا بن عبد الْوَاحِد سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة فنقم بَنو عبد الْمُؤمن على أبي زَكَرِيَّاء ذَلِك فأسقط أَبُو زَكَرِيَّاء اسْم عبد الْمُؤمن من الْخطْبَة وَبَقِي اسْم الْمهْدي، وتملك إفريقية.
وخطب لنَفسِهِ بالأمير المرتضى واتسعت مَمْلَكَته، وَفتح تلمسان وَالْمغْرب الْأَوْسَط بِلَاد الجريد والزاب، وَبَقِي كَذَلِك حَتَّى توفّي على يوفة سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة.
وَله بتونس أبنية شامخة، وَكَانَ عَالما بالأدب، وَخلف أَرْبَعَة بَنِينَ وهم: أَبُو عبد الله مُحَمَّد وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَأَبُو حَفْص عمر وَأَبُو بكر، وكنيته أَبُو يحيى وَخلف أَخَوَيْهِ أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْحَاق وَمُحَمّد اللحياني الصَّالح الزَّاهِد.
ثمَّ تولى بعده ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي زَكَرِيَّاء، ثمَّ خلعه عَمه أَبُو إِبْرَاهِيم وَبَايع لِأَخِيهِ اللحياني على كره مِنْهُ، فَجمع المخلوع أَصْحَابه يَوْم خلعه وَقتل عميه وَملك وتلقب، وخطب لنَفسِهِ بالمستنصر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْأُمَرَاء الرَّاشِدين.
وَفِي أَيَّامه سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وصل الفرنسيس إِلَى إفريقية، وكادت تُؤْخَذ فأماته الله وتفرق جمعه، وَفِي أَيَّامه خافه أَخُوهُ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم فهرب ثمَّ أَقَامَ بتلمسان، وَتُوفِّي الْمُسْتَنْصر فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة فَملك ابْنه يحيى وتلقب بالواثق بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ.
وَكَانَ ضَعِيف الرَّأْي تغلب عَلَيْهِ عَمه أَبُو إِسْحَاق فَخلع الواثق نَفسه، وَملك أَبُو إِسْحَاق فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة، وخطب لنَفسِهِ بالأمير الْمُجَاهِد، وَترك زِيّ الحفصيين إِلَى زِيّ زناتة وَعَكَفَ على الشّرْب وَفرق المملكة على أَوْلَاده فذبحوا الواثق المخلوع وابنيه الْفضل وَالطّيب.
وَسلم للواثق ابْن صَغِير يلقب أَبَا عصيدة عملت أمة عصيدة وأهدتها للجيران فلقب بذلك.
ثمَّ ظهر إِنْسَان ادّعى أَنه الْفضل بن الواثق الَّذِي ذبح مَعَ أَبِيه وَجمع وَقصد أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وقهره فهرب إِلَى بجاية وَبهَا ابْنه أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز فَترك أَبُو فَارس أَبَاهُ ببجاية وَسَار بإخوته وَجمعه إِلَى الدعى بتونس، والتقى الْجَمْعَانِ فَانْهَزَمَ عَسْكَر بجاية، وَقتل أَبُو