فَارس وَثَلَاثَة من إخْوَته، وَنَجَا لَهُ أَخ اسْمه يحيى وَعَمه أَبُو حَفْص عمر.
ثمَّ أرسل الدعي من قتل ببجاية أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وجاءه بِرَأْسِهِ ثمَّ تحدث النَّاس بِأَنَّهُ دعِي، وَاجْتمعَ الْعَرَب على عمر بن أبي زَكَرِيَّاء بعد هربه من المعركة فقصد الدعي ثَانِيًا بتونس وقهره، واستتر الدعي ثمَّ أحضر واعترف بنسبه، وَضربت عُنُقه، والدعي أَحْمد بن مَرْوَان بن أبي عمار من بجاية، كَانَ أَبوهُ يتجر إِلَى بِلَاد السودَان.
وَكَانَ على الدعي بعض شبه من الْفضل بن الواثق فَشهد لَهُ نصير الْأسود، وَكَانَ خصيصاً بالواثق المخلوع أَنه الْفضل وَجمع عَلَيْهِ الْعَرَب حَتَّى كَانَ مِنْهُ مَا ذكر، وَكَانَ يخْطب للدعي بالأمام الْمَنْصُور بِاللَّه وَلما اسْتَقر أَبُو حَفْص تلقب بالمستنصر بِاللَّه وَهُوَ الْمُسْتَنْصر الثَّانِي، وَسَار ابْن أَخِيه يحيى بن إِبْرَاهِيم الَّذِي سلم من المعركة إِلَى بجاية فملكها، وتلقب بالمنتخب لإحياء دين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ.
وَتُوفِّي الْمُسْتَنْصر الثَّانِي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة، وَبَايع فِي مَرضه لِابْنِهِ الصَّغِير، ثمَّ وعظه الْفُقَهَاء لصِغَر ابْنه فَأبْطل بيعَته، وأخرح ولد الواثق المخلوع الَّذِي كَانَ صَغِيرا وَسلم من الذّبْح الملقب بِأبي عصيدة، وبويع صَبِيحَة موت أبي حَفْص الْمُسْتَنْصر، وَاسم أبي عصيدة أَبُو عبد الله مُحَمَّد وتقلب بالمستنصر أَيْضا وَتُوفِّي فِي أَيَّامه صَاحب بجاية الْمُنْتَخب يحيى بن إِبْرَاهِيم بن أبي زَكَرِيَّاء، وَملك بجاية بعده ابْنه خَالِد بن يحيى، وَبَقِي أَبُو عصيدة كَذَلِك حَتَّى توفّي سنة تسع وَسَبْعمائة، فَملك بعده من الحفصيين أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي زَكَرِيَّاء بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص صَاحب ابْن تومرت، وَأقَام فِي الْملك ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا.
ثمَّ وصل خَالِد بن الْمُنْتَخب صَاحب بجاية، وَدخل تونس وَقتل أَبَا بكر سنة تسع وَسَبْعمائة، وَلما جرى ذَلِك كَانَ زَكَرِيَّاء اللحياني بِمصْر فَسَار مَعَ عَسْكَر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى طرابلس الغرب، وَبَايَعَهُ الْعَرَب وَسَار إِلَى تونس فَخلع خَالِد بن الْمُنْتَخب وَحبس، ثمَّ قتل قصاصا بِأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمُقدم الذّكر. وَملك اللحياني إفريقية وَهُوَ أَبُو يحيى زَكَرِيَّاء بن أَحْمد بن مُحَمَّد الزَّاهِد اللحياني بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص صَاحب ابْن تومرت، ثمَّ تحرّك على اللحياني أَخُو خَالِد وَهُوَ أَبُو بكر بن يحيى الْمُنْتَخب، فهرب اللحياني وَأقَام بالإسكندرية وَملك أَبُو بكر الْمَذْكُور تونس وَمَا مَعهَا خلا طرابلس والمهدية فَإِنَّهُ بعد هرب اللحياني بَايع ابْنه مُحَمَّد بن اللحياني لنَفسِهِ وَقَاتل أَبَا بكر فَهَزَمَهُ أَبُو بكر، وَاسْتقر مُحَمَّد بن اللحياني بالمهدية وَله مَعهَا طرابلس.
وَكَانَ اسْتِيلَاء أبي بكر وهرب اللحياني سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة، ثمَّ وَردت على اللحياني بالإسكندرية مكاتبات من تونس فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة يذكرُونَ فِيهَا أَن أَبَا بكر مستملك تونس قد هرب وَترك الْبِلَاد وَأَنَّهُمْ قد أَجمعُوا على طَاعَة اللحياني، وَبَايَعُوا نَائِبه مُحَمَّد بن أبي بكر من الحفصيين وَهُوَ صهر زَكَرِيَّا اللحياني وهم فِي