(ابْن غَازِي غزى وجاهد قوما ... اثخنوا فِي الْعرَاق والمشرقين)
(ظَاهرا عَالِيا وَمَات شَهِيدا ... بعد صَبر عَلَيْهِم عَاميْنِ)
(لم يشنه إِذْ طيف بِالرَّأْسِ مِنْهُ ... وَله أُسْوَة بِرَأْس الْحُسَيْن)
ثمَّ واروا فِي مشْهد الرَّأْس ذَاك الرَّأْس فاستعجبوا من الْحَالين.
وَأما الْملك النَّاصِر يُوسُف: فَلَمَّا انْفَرد عَن الْعَسْكَر بقطية وَسَار إِلَى التيه حَار وعزم على التَّوَجُّه إِلَى الْحجاز فَحسن لَهُ طبر دَاره حُسَيْن الْكرْدِي قصد هولاكو فاغتر بقوله وَترك بركَة زيزا وَسَار حُسَيْن الْكرْدِي إِلَى كتبغا نَائِب هولاكو وعرفه بِموضع الْملك النَّاصِر فَأرْسل إِلَيْهِ وَقبض عَلَيْهِ وأحضره إِلَى عجلون وَكَانَت عاصية بعد فَأمر الْملك النَّاصِر فسلموها إِلَيْهِم فهدموها، وَكُنَّا ذكرنَا حِصَار بعلبك فتسلموها قبيل عجلون وخربوا قلعتها.
وَكَانَ بالصبيبة صَاحبهَا الْملك السعيد بن الْعَزِيز بن الْعَادِل فَسلم الصبيبة إِلَيْهِم وَصَارَ الْملك السعيد مَعَهم وأعلن بِالْفِسْقِ والفجور وَسَفك دِمَاء الْمُسلمين، وَأما الْملك النَّاصِر فَبعث بِهِ كتبغا إِلَى هولاكو فوصل إِلَى دمشق ثمَّ إِلَى حماه وَبهَا الْأَشْرَف صَاحب حمص فَخرج إِلَى لِقَائِه هُوَ وخسروشاه النَّائِب بحماه ثمَّ سَار إِلَى حلب فَلَمَّا عاينها وَمَا حل بهَا وبأهلها تضَاعف تألمه وَأنْشد:
(يعز علينا أَن نرى ربعكم يبْلى ... وَكَانَت بِهِ آيَات حسنكم تتلى)
ثمَّ وصل الأردو فَأقبل عَلَيْهِ هولاكو ووعده برده إِلَى مَمْلَكَته وَكَانَ مِنْهُ مَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وفيهَا: فِي نصف شعْبَان أخرج التتر من الاعتقال نقيب قلعة دمشق وواليها، وضربوا أعناقهما بداريا.
واشتهر بِدِمَشْق خُرُوج العساكر من مصر فأوقعوا بالنصارى وَكَانُوا قد استطالوا بدق النواقيس وَإِدْخَال الْخمر إِلَى الْجَامِع، ونهبهم الْمُسلمُونَ فِي سَابِع عشر رَمَضَان مِنْهَا، وخربوا كَنِيسَة مَرْيَم، وَكَانَت عَظِيمَة فِي جَانب دمشق الَّذِي فَتحه خَالِد رَضِي الله عَنهُ بِالسَّيْفِ فَبَقيت بيد الْمُسلمين.
وَكَانَ ملاصق الْجَامِع كَنِيسَة من الْجَانِب الَّذِي فَتحه أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ بالأمان فَبَقيت بيد النَّصَارَى، فَلَمَّا ولي الْوَلِيد بن عبد الْملك خرب الْكَنِيسَة الملاصقة للجامع وأضافها إِلَيْهِ وَلم يعوض النَّصَارَى عَنْهَا، فَلَمَّا ولى عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ عوضهم عَنْهَا بكنيسة مَرْيَم فعمروها عَظِيما حَتَّى كَانَ مِنْهَا مَا ذكرنَا.
وفيهَا: كَانَت هزيمَة التتر يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس وَالْعِشْرين من رَمَضَان على عين جالوت، وَذَلِكَ أَن العساكر الإسلامية لما اجْتمعت بِمصْر سَار بهم الْملك المظفر قطز مَمْلُوك الْمعز أيبك لقِتَال التتر وَمَعَهُ الْمَنْصُور وَالْأَفْضَل أَخُوهُ فِي أَوَائِل رَمَضَان، وَبلغ ذَلِك كتبغا نَائِب هولاكو على الشَّام فَجمع من بِالشَّام من التتر وَسَار إِلَى قتال الْمُسلمين وَمَعَهُ