للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُوَ غَايَة فِي الْحسن فَإِنَّهُ قَالَ الْمَنْصُوب وَهُوَ مَنْصُوب وَالْمَرْفُوع وَهُوَ مَرْفُوع وَالْمَجْرُور وَهُوَ مجرور، وَقد ذكرت بِهِ قولي وَإِن كنت لم ألحق بغباره:

(وأغيد يسألني ... مَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر)

(مثلهمَا لي مسرعاً ... فَقلت أَنْت الْقَمَر)

وَقَوْلِي:

(قلت لنحوي إِذا عرضا ... لَهُ بأوقاف الرِّضَا أعرضا)

(يَا حَيْثُ لَو أصبح بَاب الرضى ... كَيفَ لما كنت كأمس مضى)

وَالله أعلم.

وفيهَا: مَاتَ الشَّيْخ خضر مَحْبُوسًا مكرماً قلت: وَكَانَ الشَّيْخ خضر يكاشف وَرمي بأَشْيَاء وَأَرَادَ السُّلْطَان قَتله فَقَالَ: أَنا بيني وَبَيْنك فِي الْمَوْت شَيْء يسير فَوَجَمَ لَهَا السُّلْطَان وحبسه إِلَى أَن مَاتَ وَالله أعلم.

وفيهَا: رَحل الظَّاهِر من العمق إِلَى دمشق.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة: فِيهَا وصل الظَّاهِر دمشق وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَكَانَ رَحل من عمق حارم.

وفيهَا: يَوْم الْخَمِيس السَّابِع وَالْعِشْرين من الْمحرم توفّي السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر أَبُو الْفَتْح بيبرس الصَّالِحِي النجمي بِدِمَشْق وَقت الزَّوَال عقب وُصُوله من الرّوم وَاخْتلف فِي سَبَب مَوته قبل أَن الْقَمَر كسف كُله وشاع أَنه لمَوْت جليل الْقدر فَأَرَادَ الظَّاهِر تَأْوِيله بِغَيْرِهِ فاستدعى بالقاهر من ولد النَّاصِر دَاوُد بن الْمُعظم عِيسَى وسقاه قمزاً مسموماً ثمَّ شرب الظَّاهِر نَاسِيا بذلك النهاء فَمَاتَ القاهر عقيب ذَلِك، وحصلت للظَّاهِر حمى محرقة.

قلت: وَهَذَا لَا يثبت فقد كَانَ الْملك الظَّاهِر رَحمَه الله على قدم من الدّيانَة، وَكَانَ ملازماً للخمس فِي أَوْقَاتهَا، وألزم حَاشِيَته بهَا، وَحكي عَنهُ أَنه مَا شرب خمرًا قطّ وَمنع كل مُنكر، وَكَانَ يحصل من الْمُنكر بِمصْر كل يَوْم ألف دِينَار فأبطله، وَلما حج رُؤِيَ بِبَاب الْكَعْبَة محرما يَأْخُذ بأيدي ضعفاء الرّعية ليصعدوا وَعمل الستور الديباج للكعبة وللحجرة النَّبَوِيَّة، وخطب كرة الْمجد إِسْمَاعِيل الوَاسِطِيّ وَالسُّلْطَان حَاضر فَقَالَ فِي الْخطْبَة: أَيهَا السُّلْطَان إِنَّك لن تدعى يَوْم الْقِيَامَة بأيها السُّلْطَان لَكِن تدعى بِاسْمِك وكل مِنْهُم يَوْمئِذٍ يسْأَل عَن نَفسه إِلَّا أَنْت فأنك تسْأَل عَن رعاياك فَاجْعَلْ كَبِيرهمْ أَبَا وأوسطهم أَخا وصغيرهم ولدا، فاستعذب وعظه وأجزل عطاءه.

وَكَانَ لَهُ فِي السّنة عشرَة آلَاف أردب تفرق فِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ووقف على جِهَات عدَّة، واستن سنَن العمرين وَنصب للنَّاس خَليفَة وَفتح أنطاكية وبغراس والقصير وحصن الأكراد وحصن عكار والقرين وصافيتا ومرقية، وَأمنت لهيبته السبل، وَكَانَ إِذا جرى عِنْده ذكر أبغا يسألهم الْكَفّ عَنهُ لِئَلَّا ينْقل إِلَيْهِ وَيَكْفِيك فعله بالتتر بِعَين جالوت وخوضته إِلَيْهِم

<<  <  ج: ص:  >  >>