فردريك وَقَالَ أَنا أَحَق بتاج أبي ومرتبته وَالْجَمَاعَة قد رَضوا بِي، وَوضع التَّاج على رَأسه فأبلسوا كلهم وَخرج مسرعاً وَقد حصل جمَاعَة من الألمانية الشجعان راكبين، وَسَار بهم على حمية إِلَى بِلَاده.
وَاسْتمرّ منفريذا بن فردريك فِي مَمْلَكَته حَتَّى قَصده البابا ورندافرنس بجموعهما فقاتلوه وهزموه وقبضوا عَلَيْهِ وَأمر البابا فذبح منفريذا وَملك بِلَاده بعده رندافرنس سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة ظنا.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة فِيهَا: قتل الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين: وثب عَلَيْهِ مماليك صبيان اصطفاهم لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الآخر أول اللَّيْل فَقَتَلُوهُ وَهُوَ يلْعَب بالشطرنج، وَأول ضَارب لَهُ بِالسَّيْفِ كرجي وقصدوا قتل مَمْلُوكه نائبة منكوتمر فأجاره سيف الدّين طغجي الأشرفي مقدم القاتلين، وحبسه فِي الْجب، ثمَّ أخرجه كرجي وَذبح على رَأس الْجب وَعند الصُّبْح جلس طغجي فِي مضع النِّيَابَة وَأمر وَنهى.
وَهُنَاكَ أُمَرَاء أكبر مِنْهُ مثل الحسام استاذ دَار وسلار وبيبرس الجاشنكير فاتفقوا على الوقيعة بطغجي وإعادة ملك مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك النَّاصِر الْمُقِيم بالكرك وَاتفقَ بعد ذَلِك وُصُول الْعَسْكَر المجردين على حلب أَمِير سلَاح وَغَيره، وَأَشَارَ الْأُمَرَاء على طغجي بتلقي أَمِير سلَاح فَامْتنعَ وعاودوه فَأجَاب وَركب من قلعة الْجَبَل واستناب بهَا كرجي قَاتل لاجين فَلَمَّا اجْتمع الْأُمَرَاء لتلقي أَمِير سلَاح تحدثُوا فِي قتل الصّبيان السُّلْطَان وأنكروا مثل ذَلِك ونسبوا ذَلِك إِلَى طغجي وحطوا عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فهرب وأدركوه فَقَتَلُوهُ وقصدوا كرجي بقلعة الْجَبَل فهرب وتبعوه فَقَتَلُوهُ فِي ربيع الآخر مِنْهَا، وَمُدَّة ملك لاجين سنتَانِ وَثَلَاثَة أشهر.
وفيهَا: عَاد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون إِلَى مَمْلَكَته فَإِنَّهُ بعد مَا ذكرنَا اتّفقت الْأُمَرَاء على ذَلِك، فَتوجه سيف الدّين آل ملك وَعلم الدّين الجاولي إِلَى الكرك وحضرا فِي خدمته وَصعد قلعة الْجَبَل وَاسْتقر على سَرِير ملكه يَوْم السبت رَابِع عشر جمادي الأولى مِنْهَا وَهِي سلطنته الثَّانِيَة، واستناب سلار وَجعل بيبرس الجاشنكير استاذ الدَّار وبكتمر الجوكندار أَمِير خزينة دَار وجمال الدّين أقوش الأفرم نَائِب الشَّام وأفرجوا عَن قرا سنقر من الاعتقال بعد نَحْو سنة وشهرين ثمَّ بعثوا بِهِ إِلَى الصبيبة وجهز تَقْلِيد صَاحب حماه المظفر على عَادَته فِي جمادي الأولى مِنْهَا.
وفيهَا: فِي رَمَضَان الْمُوَافق لحزيران جرد المظفر عَسْكَر حماه إِلَى حلب لتحرك التتر إِلَى الشَّام، وَورد كتاب بلبان الطباخي بتراخي الْأَخْبَار فعادوا من المعرة إِلَى حماه، ثمَّ ورد كِتَابه بطلبهم فاعيدوا يَوْم وصولهم سَابِع عشر رَمَضَان وحزيران.
وفيهَا: يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة توفّي السُّلْطَان الْملك المظفر صَاحب حماه وَتقدم مولده، فعمره إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سنة وَعشرَة أشهر وَسَبْعَة أَيَّام، وَملك حماه خمس عشرَة سنة وشهراً وَيَوْما، قصد جبل علارور المطل على قسطون فِي شدَّة الْحر ليرمي النسْر