للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زوجات وذرية (١)، فضلا عن أنه يقدر الجمال الإنساني (٢)، ولما كان هناك اتفاق على تحديد الحاسة الخلقية بأنها ليست في انعدام الشعور بل في السيطرة على الأهواء الذاتية، وجب أن نأخذ في اعتبارنا العامل الثاني وهو: الإرادة. وهنا نراه عليه السلام يتمتع بقدرة على الامتناع، بلغت من قوتها أنه يستطيع أن يحرم على نفسه المباح من الطعام لمجرد عدم إثارة سوء تفاهم (٣). ولقد قالت عنه عائشة إنه لم يوجد مثله في التحكم في حواسه (٤)، ثم يأتي أخيرا موضوع خضوعه المطلق لتعاليم الله تبارك وتعالى التي تعلو على نظرته وميوله. ونذكر بهذه المناسبة القاعدة القرآنية التي تحدد له فئات النساء اللاتي يستطيع أن يتزوج منهن (٥)، والقاعدة الأخرى التي جاءت في وقت آخر لتحرم عليه صراحة عقد أي زواج جديد مهما كانت قوة رغبته فيه، ولا أن يتبدل بزوجاته زوجات أخر (٦). ولقد بلغت هذه السلسلة من القواعد ذروتها في حالة مطلّقة زيد (ابنه بالتبني) وهي الزيجة الوحيدة المنصوص عنها في القرآن (٧) فنراه يحاول بكل جهده أن يمنع إتمام هذا الزواج. ولكن قانون القرآن يفرضه عليه فرضا ليضع حدا (ليس فقط‍ بالنص كما كان الرسول صلّى الله عليه وسلم يرجو، وإنما بالتطبيق العملي أيضا) لنظام تبني الأطفال في


(١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد: ٣٨].
(٢) وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ [الأحزاب: ٥٢].
(٣) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ [التحريم: ١].
(٤) البخاري كتاب الصوم باب ٢٣.
(٥) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً [الأحزاب: ٥٠].
(٦) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ [الأحزاب: ٥٢].
(٧) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً [الأحزاب: ٣٧].

<<  <   >  >>