للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا عِنْدَنَا فِي الْمَأْذُونِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ وَيَجِبُ لَهُ الْيَدُ بِالْإِذْنِ غَيْرَ لَازِمَةٍ وَبِالْكِتَابَةِ يَدٌ لَازِمَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِسَبَبِهِ لِأَنَّ السَّبَبَ شَرْعٌ لِحِكْمَةٍ وَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ أَيْضًا قُلْنَا أَنَّ أَهْلِيَّةَ التَّكَلُّمِ غَيْرُ سَاقِطَةٍ بِالْإِجْمَاعِ.

ــ

[كشف الأسرار]

كَامِلَةٌ لِلْعَبْدِ بَلْ هِيَ نَاقِصَةُ الْوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا تَوَقُّفُهَا عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْحُرِّ.

وَالثَّانِي اقْتِصَارُهَا عَلَى امْرَأَتَيْنِ بِخِلَافِ الْحُرِّ حَيْثُ تَجَاوَزَتْ مَالِكِيَّتُهُ إلَى الْأَرْبَعِ قُلْنَا التَّوَقُّفُ عَلَى الْإِذْنِ لَا يَدُلُّ عَلَى النُّقْصَانِ كَمَا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ فَإِنَّ مَالِكِيَّتَهُ كَامِلَةٌ مَعَ تَوَقُّفِهَا عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى أَوْ عَنْ الصَّبِيِّ لَا لِثُبُوتِ الْمَالِكِيَّةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِهَا وَكَذَا تَنْصِيفُ عَدَدِ الْأَنْكِحَةِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لَيْسَ لِنُقْصَانِ الْمَالِكِيَّةِ وَلَكِنْ لِتَنْصِيفِ الْحِلِّ فَإِنَّ مَالِكِيَّتَهُ فِيمَا مَلَكَهُ مِنْ النِّكَاحِ مِثْلُ مَالِكِيَّةِ الْحُرِّ بِلَا نُقْصَانٍ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ اسْتِدْلَالِهِمْ بِمَا إذَا انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ ضَمَانُ الدَّمِ فِي قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهِ الْقَسَامَةُ وَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ إلَّا أَنَّ الْمُوجِبَ لِنُقْصَانِ دَمِهِ صَيْرُورَتُهُ مَالًا الَّتِي انْتَقَصَتْ بِهَا مَالِكِيَّتُهُ فَمَا دَامَ يُمْكِنُنَا نَقْصُ دِيَتِهِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مَالًا نَقَصْنَا بِذَلِكَ السَّبَبِ الَّذِي انْتَقَصَ بِهِ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ النَّاقِصُ بِسَبَبِ الِاعْتِبَارِ بِالْمَالِ بَدَلَ دَمِهِ لَا بَدَلَ مَالِيَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إثْبَاتُ النُّقْصَانِ بِالْإِعْتَاقِ بِالِاعْتِبَارِ مَالًا بِأَنْ ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْمَالِيَّةِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ وَجَبَ النَّقْصُ شَرْعًا لَكِنْ يُقَدَّرُ لَهُ خَطَرٌ وَهُوَ عَشَرَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَوُجُوبُ الضَّمَانِ لِلْمَوْلَى لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَجَبَ لِلْمَوْلَى أَيْضًا وَهُوَ بَدَلُ النَّفْسِ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ الضَّمَانُ يَجِبُ لِلْعَبْدِ وَلِهَذَا يُقْضَى دَيْنُ الْعَبْدِ مِنْ بَدَلِ دَمِهِ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَحِقًّا لِلْمَالِ فَيَسْتَوْفِيهِ الْمَوْلَى الَّذِي هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ كَمَا يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ الْوَاجِبُ فِي نَفْسِهِ ضَمَانُ النَّفْسِ وَلَكِنْ فِي جَانِبِ الْمُسْتَحَقِّ هُوَ ضَمَانُ مَالٍ فَيَظْهَرُ حُكْمُ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّ الْيَدِ قَوْلُهُ (وَهَذَا عِنْدَنَا) أَيْ كَوْنُ الْعَبْدِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَلِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ مَذْهَبُنَا فَإِنَّ الْمَأْذُونَ يَتَصَرَّفُ بِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْيَدُ عَلَى إكْسَابِهِ فَكَانَ الْإِذْنُ فَكَّ الْحَجْرِ الثَّابِتِ بِالرِّقِّ وَرَفْعًا لِلْمَانِعِ مِنْ التَّصَرُّفِ حُكْمًا وَإِثْبَاتُ الْيَدِ لِلْعَبْدِ فِي كَسْبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ إلَّا أَنَّ الْيَدَ الثَّابِتَةَ بِالْإِذْنِ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِحَدِّ الْإِذْنِ عَنْ الْعِوَضِ وَالْيَدُ الثَّابِتَةُ بِالْكِتَابَةِ لَازِمَةٌ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِالْهِبَةِ مَعَ الْمُسْتَفَادِ بِالْبَيْعِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ وَلَا لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ وَالْيَدَ بِالْإِذْنِ مِنْ الْمَوْلَى فَهُوَ يَتَصَرَّفُ لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ كَالْوَكِيلِ بِتَصَرُّفٍ لِلْمُوَكِّلِ وَيَدُهُ فِي الْأَكْسَابِ يَدُ نِيَابَةٍ بِمَنْزِلَةِ يَدِ الْمُودِعِ وَيُبْتَنَى عَلَيْهِ أَنَّ الْإِذْنَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ يَخْتَصُّ الْإِذْنُ بِذَلِكَ النَّوْعِ وَأَنَّ الْحَجْرَ فِي نَوْعٍ بَعْدَ الْإِذْنِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ يَصِحُّ وَأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَقْبَلْ التَّوْقِيتَ عِنْدَنَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً كَانَ مَأْذُونًا أَبَدًا إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا إسْقَاطُ الْحَقِّ وَالْإِسْقَاطُ لَا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ وَعِنْدَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبَلَ التَّوْقِيتَ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّصَرُّفِ حُكْمُهُ وَهُوَ الْمِلْكُ وَأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمَوْلَى لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ بِالرِّقِّ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَةَ الْمَوْلَى يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلَوْ تَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>