للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ نُقْصَانَ الْأُنُوثَةِ فِي أَحَدِ ضَرْبَيْ الْمَالِكِيَّةِ بِالْعَدَمِ فَوَجَبَ التَّنْصِيفُ وَهَذَا نُقْصَانٌ فِي أَحَدِهِمَا لَا بِالْعَدَمِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِمِلْكِ الْمَالِ لَكِنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَأَهْلٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِنُقْصَانٍ فِي الدِّيَةِ

ــ

[كشف الأسرار]

لِمَعْنَى التَّشَفِّي أَوْ لِانْتِقَامٍ، وَفَوَاتُ الْمَالِيَّةِ فِيهِ تَبَعٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ مَعْنَى النَّفْسِيَّةِ ثُمَّ إيجَابُ الضَّمَانِ بِمَعْنَى النَّفْسِيَّةِ لِإِظْهَارِ حَظْرِ الْمَحَلِّ وَخَطَرِهِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ لِأَنَّ كَمَالَ حَالِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِضَافَةِ يَنْتَهِي بِكَمَالِ الْمَالِكِيَّةِ وَتَمَامُ الْمَالِكِيَّةِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ فَإِنَّ بِالْحُرِّيَّةِ تَثْبُتُ مَالِكِيَّةُ الْمَالِ وَبِالذُّكُورَةِ تَثْبُتُ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ.

وَقَدْ انْتَقَصَتْ مَالِكِيَّةُ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ فَإِنَّهُ يُنَافِي مَالِكِيَّةَ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَّا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْقُصَ بَدَلُهُ كَمَا انْتَقَصَتْ دِيَةُ الْأُنْثَى عَنْ دِيَةِ الرَّجُلِ بِصِفَةِ الْأُنُوثِيَّةِ الَّتِي تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْمَالِكِيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا أَزْوَاجًا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَعُلِّقَ مَصَالِحُ مَعَاشِهِمْ وَبَقَاؤُهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالِازْدِوَاجِ وَالنِّسَاءُ مَمْلُوكَاتٌ لِلرِّجَالِ فِي الِازْدِوَاجِ فَانْتَقَصَتْ دِيَاتُهُنَّ بِصِفَةِ الْأُنُوثَةِ الَّتِي بِهَا صِرْنَ مَمْلُوكَاتٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ نُقْصَانَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي نُقْصَانِ الدِّيَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَوْصَافِ وَلِهَذَا لَمْ يُنْتَقَصْ بِالْفِسْقِ وَلَا بِالزَّمَانَةِ وَلَا بِفَوَاتِ الْأَطْرَافِ لِعَدَمِ انْتِقَاصِ الْمَالِكِيَّةِ بِهَذِهِ الْمَعَانِي قَوْلُهُ (لَكِنَّ نُقْصَانَ الْأُنُوثَةِ) إلَى آخِرِهِ جَوَابُ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ قَدْ أُلْحِقَ الرِّقُّ بِالْأُنُوثَةِ فِي إيجَابِ تَنْقِيصِ الْمَالِكِيَّةِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي قَدْرِ النُّقْصَانِ حَتَّى كَانَ النُّقْصَانُ فِي الرِّقِّ بِقَدْرِ النِّصْفِ كَمَا فِي الْأُنُوثَةِ فَقَالَ إنَّهُمَا قَدْ اسْتَوَيَا فِي إثْبَاتِ أَصْلِ النُّقْصَانِ لَكِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي مِقْدَارِهِ فَإِنَّ نُقْصَانَ الْأُنُوثَةِ أَيْ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ بِهَا فِي أَحَدِ ضَرْبَيْ الْمَالِكِيَّةِ وَهُمَا مَالِكِيَّةُ الْمَالِ وَمَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ بِالْعَدَمِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ الْمَالَ رَقَبَةً وَتَصَرُّفًا وَيَدًا وَلَا تَمْلِكُ النِّكَاحَ أَصْلًا بَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ فِيهِ فَزَوَالُ إحْدَى الْمَالِكِيَّتَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ عَادَتْ دِيَتُهَا إلَى النِّصْفِ وَهَذَا أَيْ الِانْتِقَاصُ الْحَاصِلُ بِالرِّقِّ نُقْصَانٌ فِي أَحَدِهِمَا أَيْ أَحَدِ ضَرْبَيْ الْمَالِكِيَّةِ لَا بِالْعَدَمِ فَإِنَّ الْعَبْدَ فِي مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ مِثْلُ الْحُرِّ، وَمَالِكِيَّةُ الْمَالِ لَمْ تَزُلْ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهَا بِأَمْرَيْنِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَمِلْكُ التَّصَرُّفِ وَأَقْوَى الْأَمْرَيْنِ مِلْكُ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْمِلْكِ يَحْصُلُ بِهِ وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَالْعَبْدُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ رَقَبَةً فَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ وَأَهْلٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ فَإِنَّ الْمَأْذُونَ اسْتَحَقَّ الْيَدَ عَلَى كَسْبِهِ كَالْمُكَاتَبِ فَلِهَذَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِكَسْبِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِأَنَّ يَدَ الْمُكَاتَبِ لَازِمَةٌ وَيَدُهُ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَالْإِجَارَةِ مَعَ الْعَارِيَّةِ.

وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ الْعَبْدُ مَالًا غَيْرَهُ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الِاسْتِرْدَادَ مِنْ الْمُودَعِ مَأْذُونًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ مَحْجُورًا كَذَا فِي عَامَّةِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِنُقْصَانٍ فِي الدِّيَةِ لَا بِالتَّنْصِيفِ وَبِمَا ذَكَرْنَا خَرَجَ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ يَجِبُ عَلَى هَذَا التَّخْرِيجِ أَنْ يُنْتَقَصَ دِيَتُهُ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ بِمِقْدَارِ الرُّبُعِ لِانْتِقَاصِ مَالِكِيَّتِهِ مِنْ مَالِكِيَّةِ الْحُرِّ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا وَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مَالِكِيَّةَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ أَقْوَى مِنْ مَالِكِيَّةِ الرَّقَبَةِ فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فِي التَّنْقِيصِ اعْتِبَارُ الرُّبُعِ بَلْ يُنْقَصُ مَالَهُ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا يُسْتَوْلَى بِهِ عَلَى الْحُرَّةِ اسْتِمْتَاعًا وَأَقَلُّ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ قَطْعَ الْيَدِ الْمُحْتَرَمَةِ الَّتِي لَهَا حُكْمُ نِصْفِ الْبَدَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَبْلُغُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ دِيَةَ الْحُرِّ وَيُنْقَصُ مِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَمِثْلُ هَذَا الْأَثَرِ فِي حُكْمِ الْمَسْمُوعِ مِنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَالِكِيَّةَ النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>