وسافر مولود - رحمه الله - إلى أرض السودان، فعرض له بحر، يقال له: ماو. وكان لا يعرف السباحة. فأخذوا أعوادا من شجر يسمونه (الفرنان)، وهو موجود بتهامة بكثرة. ومن خاصة ذلك الشجر، إنه لا يغوص في البحر، فجروه بها فقال:
قَدَرٌ ما قدَرٌ أيُّ قدَرْ ... ما أرَ عَيْنيَّ عَيْنيْ صَنْبَصرْ
عجبَ النَّاسُ لرأبِيهِ ولم ... يَنِ يجري بالتَّعاجيبِ القدرْ
إنَّ في عَبْري على مَعْبَرِهِ ... بحرَ ماوٍ عبْرَةً للمُعْتَبرْ
نَرْكبُ البحرَ غرُوراً لا على ... ذاتِ ألواحٍ ولا ذاتِ دُسُرْ
ولقدْ تعلمُ صحبي أنّني ... غيْرُ مَغروُرٍ إذا ما الغِرُّ غُرْ
ولقدْ تعلُم صحبي أنّ لي ... نفْسَ حُرٍّ حين لا منْ نفْسِ حُرْ
ولقدْ تعْلمُ صحبي أنَّني ... بلْوُ أسفارٍ إذا طال السَّفرْ
لسْتُ بالهِلْباجةِ الرَّامك لا ... يُصدِرُ الهمَّ إذا الهمُّ حَضرْ
يا لياليَّ بماوٍ طالما ... طُلْتِ طُولاً صَيَر الطولَ قِصَرْ
لا أعاد اللهُ لي أمثالَها ... منْ ليالٍ ليس تَجلوها نَهرْ
فإلى ابنَ مَفرّي لأفِرْ ... يا ابنَ أمّي يا ابنَ عمّي لا مَفرْ