وتَهيمُ مُهْلةً مخَائضُ سَرْحِهِ ... تَقْرُو مَواقِعَ قَطرِهِ وحياها
وتظلُّ تَرْعاها عيونُ مهابةٍ ... شمّ الشواهِقِ حَصّنَتْ أرْواها
وأتته وافدةً تَخافُ وترتجي ... غلْبُ الجبابرِ منْ حصون قُرَاها
فتلطفوا وتملّقوا وتطّقوا ... بحبالهِ وتمسكوا بعُراها
ألفى الزوايا كالهشيمِ رمتْ به ... بين القفار دَبورُها وَصَباها
فثنى عليها عاطفات حنانهِ ... وأقامَ يَرْأَبُ جاهداً مثْآها
فأضاَء ليلتها وجمَّع شملها ... وأفرَّ بعد مخافةٍ أحشاها
حتى إذا ملك العلى بزمامها ... وحوى المفاخر رافعاً للِواها
صرف العزيمة راجعاً لبلاده ... من بعد ما حنّت وطال بكاها
يهدى الظعائن كالنخيل بواسقاً ... تعدو الجيادُ أمامَها ووراها
جرد مسوَّمة على أثباجها ... أُسْدٌ قديمٌ في الحروب بلادها
من آل أحمدَ زُهرَ أملاك الورى ... عزّ البلاد وغيثها وسناها
عبد الشريعةَ مكرِمٌ علماَءها ... موْلى مواليها عدوُّ عِداها
أوفى بذمتها وحاط حدودها ... وأطال سمك منارها وبِناها
وثنى البغاة عن الضعيفِ ذليلةً ... وأقام قسراً درأها وصغاها
وإذا استطالت واستشاطت أمةٌ ... يهوى الهوانُ بكل من ناواها
خاض المهالكَ مدلجاً ومهّجْراً ... بالخيل حتى يستبيح حماها
بسوابقٍ أشباهِ سيدان الغَضا ... قُبٍّ مُعاليً للمُتونِ كُلاَها