للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما رجع من الحج، أقبلت عليه الناس، واعتقدت فيه، وصار يعاكس كنت، ولا يقبل لهم ضيما، وكان يحرض الناس على التألب عليهم، ويبدي مساويهم نظما ونثرا، ومن ذلك قوله:

ألا يا عباد اللهِ هلاّ تلوتموا ... ودَبَّرْتموا قولَ الإله فإن بغتْ

وقاتلتموا كنت البغاة فإنهمْ ... بقية أحلاف اليزيد التي طغتْ

ومن ذلك قوله:

كان لنا مخاطبٍ قد اسْنِدَا ... كان لِجُلِّ الناسِ جُلهمْ مُدَى

قد نسخوا السنة بعد أحمدا ... كنسخها الخبر بعد المبتدا

ولما انتصر على كنت في وقائع عديدة، أقبلت عليه قبائل اللحمة، التي كانت تظلمها كنت وإدوعيش، فصار لهم كهفا، وهم له جند، وكذلك الثياب، ويقال لهم: المهاجريون. على اصطلاح الناس في غير القبلة، وهؤلاء قوم كانوا من حسان، فتخلقوا بأخلاق الزوايا، وصاروا يشتغلون بالعلم وتنمية المال، وحسان يظلمونهم لرغبتهم عنهم، والناس ينحلون عبد الله المذكور، كلما وجدوا فيه حماسة من الشعر، سواء كان قديما، أو حديثا، ولما أفرط في قتال كنت، ذكره إنسان صنيع كنت مع قومه، في حرب أهل شنقيط، فقال له:

ظفرنا بحمد الله بالله لا كنتا ... فمن كُنْتَ لا كانوا ومن أنت لا كنتا

فإن كنت كنتياً كبت بكبتهم ... وإن لم تكنْ منهم أراك إذا متا

قالوا: ولما أنشد البيتين، وقع ذلك الشخص ميتا من غير سبب، والله اعلم بصحة ذلك. ولا يخفى أن عجز البيت الثاني، ضعيف بالنسبة إلى صدره، وإلى ما قبله.

وقال يتوسل بالعالم الناسك، محمذ فال بن متالي التندغي، الذي تقدمت ترجمته

أنَحْتُ نضو همومي أشتكي حالي ... إلى الوليّ النقي محمَّذٍ فالِ

<<  <   >  >>