النساخ حرفوه، كما هو مبسوط على هامشه، وأما قوله: إنه مصروف في مسلم والبخاري، فهذا الشيء قاله من تلقاء نفسه، وهو خلاف ما عليه جميع المحدثين. ولاشك أن الحديث لا يعتمد فيه على غير الرواية. وأما قوله: إن النحاة غفلوا عن كونه جمع عمرة. فهذا غير صحيح، كما بينت في الرسالة المذكورة. وقد نقلت كلام ابن مالك بلفظه في عمدته، فليرجع إليه. وكلام عبد القادر البغدادي، وابن الحاجب في شرح المفصل، وغير هؤلاء. فدعواه الغفلة لا تتأتى. فإن كان اعتنى بالتنقيب، فلا عذر له في عدم مراجعة كتب هؤلاء الأعلام، لأنهم أئمة اللسان، وإن كان تركها ازدراء لها، فقد عرض نفسه لاستهزاء الناس به، وأورد على نفسه ما قال أبو حيان في الزمخشري:
وينسب إبداء المعاني لنفسه ... ليوهم أغماراً وإن كان سارقا
وقال ابن عصفور في المقرب: وإذا كان فُعَلُ علما، فإن كان له أصل في النكرات، فاقض عليه بأنه مصروف غير معدول، نحو لبد، اسم نسر لقمان. لأنه يقال: مال لبد. إلا أن يقوم دليل سمعي على عدله، يمنع صرفه، نحو: عمر، فهو معدول عن عامر، وليس منقولا عن عمر: جمع عمرة. وإن لم يكن له أصل في النكرات. نحو: قثم، فاقض عليه، بأنه ممنوع الصرف معدول، الا ان يقوم دليل بصرفه، على إنه ليس بمعدول نحو أدد. اهـ. فهل يصدق على ابن عصفور هذا، قوله في ميميته؟
وقد غفلوا عن كونه جمع عمرة ... له الصرف قبل النقل للعلم الاسم
بل الأشبه أن يقال: إنه هو غفل عن انتباههم لذلك كلهم، ولو لم ينص على هذا غير ابن عصفور، لعذرناه بعدم الاطلاع على كتبه. لكن يبعد أن يكون أراد التنقيب عن هذه المسألة، ولم ينظر في كتب ابن الحاجب وابن مالك على الأقل. وأما طعنه في علة العدل بقوله:
فدعواهُم منع وعدل مقدر ... وعن عامر محض التقول بالفم