للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدول، إنما هو في الأعلام. قال. العبد عمر، أبلغ من عامر، كما أن الرحمن أبلغ من راحم، والجاري على الرحمن راحم، وعلى عمر عامر. فالفرع للفرع، والأصل للأصل.

وأما قوله: إنه لم يسمع في نظم ولا نثر، فإن النظم تقدم منه بيتان، ونزيد على ذلك قول ذي الرمة، يمدح عمر بن هبيرة:

أقول للركب إذ مالت عمائمهم ... شارفتموا نفحات الجود من عمرا

وقول الفرزدق:

إن الأرامل والأيتام إذ هلكوا ... والخيل إذ هزمت تبكي على عمرا

وقوله أيضا يمدح بشر بن مروان:

كنا أناساً اللأواء فانفرجت ... عن مثل مروان بالمصرين أو عمرا

وسئل الخليل بن أحمد، عن العلل التي يعتل بها في النحو. فقيل له: أعن العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك؟ فقال: ان العرب نطقت على سجيتها وطباعها، وعرفت مواقع كلامها، وقامت في عقولها علله، وإن لم ينقل ذلك عنها، وعللت أنا بما عندي إنه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبت العلة فهو الذي التمست، وإن يكن هناك علة غير ما ذكرت، فالذي ذكرته محتمل إنه علة له، ومثلى في ذلك مثل حكيم دخل دارا محكمة البناء عجيبة النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها بالخبر الصادق والبراهين الواضحة، والحجج اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل الداخل الدار، على شيء منها. قال: إنما فعل هذا هكذا، لعلة سنحت له وخطرت، محتملة أن تكون علة لتلك، فجائز ان يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز ان يكون فعله بغير تلك العلة، إلا أن ما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة كذلك، وقد نص كثير من النحاة، على أن سبب تشبثهم بالعدل في فعل المعدول عن فاعل، أنهم لما سمعوه ممنوعا عن

العرب، أرادوا أن يتكلفوا علة، لئلا يمنع كثير من الأعلام

<<  <   >  >>