للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت لها أمسى وأصبح أمره ... من الشمس أو من فتح وادان أظهرا

أقرَّ بذاك الفتح من كان منكراً ... له وغدا يُخفيه من كان مظهرا

وأدلج إدلاجاً به كلُّ راكبٍ ... على رغم أنف الحاسدين وهجّرا

وسيّر في الآفاق أمرَ وقائع ... تُطيل إذا فَكرت فيها التفكرا

دعا عاجلُ الآجال للحَيْنِ معشراً ... بوادان لنْ يُدعى مدى الدهر معشرا

لئن وردتْ شنجيطَ يوما ظماؤهم ... لقد شربوا بوازُعْقاً من الموت أكدرا

وكان لهم شر الموارد مورداً ... وكان لهم شر المصادر مصدَرا

هم حزبوا الأحزاب من كل جانب ... كما حزّبت أحزابها أهل خيبرا

أتوا بالرعايا يَنشدون وعيدهم ... فصاروا على البطحاء لحما منشرا

وفاض أتيٌّ من نجيع دمائهم ... به شجرُ البطحاء أصبح مثمرا

فمن كرَّ منهم قد تكسر عمره ... ومن فرّ منهم صبره قد تكسرا

نجا مُذعَراً مما رأت عينه وما ... نجا من نجا من مأزِق الحرب مذعرا

إذا هو في المِرآة أبصر وجهه ... توهّم وجه القرب ما كان أبصرا

وإن نام لو حفته منهمْ عساكر ... رأى مَشْرفياً بين فوديه أحمرا

لكان لهم صبر شديد وشدَّة ... ولكنهم لاقوا أشد وأصبرا

تطوف بهم صير هناك تخالها ... إذا وقعت حول العساكر عسكرا

ترى الذئب مسروراً يقول لصحبه ... يزوّدنا هذا سنيناً وأشهراً

أبوا وطلبنا السلم منهم قبولَها ... وقالوا لقد كنا على الحرب أقدرا

فولوا على أعقابهم خشية الردى ... غداة غدا بازِ المنايا مصرصرا

غدت كُنْتَ تقضي دونهم ما ينوبهم ... من الأمر كانوا غائبين وحُضّرا

فأقبل من آكان جندٌ لنصرهم ... وأدبر عنه النصر إذا فرَّ مدبرا

فشنجيط ظنوا هدمه متيسراً ... فألفَوْه من إحياء كبّادِ أعْسرا

كلهمُ لم يعرفوا بأس أهله ... ولو سالوا بانُمَّ والمسكَ أخبرا

<<  <   >  >>