أما تكانت: فقد اشتهر فيها الطالب محمد العلوي وذريته، صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، ومنزع طبهم، إنما هو فراسة لا تخطئ، ويقال أنهم ورثوا الطب عن جدة لهم، وعندهم فتاوى العلماء، أنهم لا يضمنون لو أخطأ أحدهم، لما جرب من مهارتهم، ولنذكر لك بعض أمور ظهرت منهم تحير. فمنها: أن محمد الأمين ابن زروق، الذي توفي قريبا من سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وألف، ودعاه ابن عمه عبد الرحمن بن أحمد المقري، وكأن أسن تلك لعائلة، ومن عادتهم أن لا يباشر أحدهم علاج شخص، إذا كان معه من هو أسن منه، من أهل بيته، يستطلع رأيه، في شخص: كان يقطع شجرة، فانكسرت شوكة في إنسان عينه، فأخذ الأمين
المذكور ثوباُ وخنق به الشخص، وقال له صوب رأسك ففعل، فلما انحشر الدم سقطت على الأرض. ومن ذلك أن شخصا، أصابه ما أسقط عينه على وجنته، وبقيت معلقة بعروقها. فأتوا به إلى عبد الرحمن المذكور، فما اهتدى إلى ما يفعل، فأرسل لمحمد الأمين المذكور، ففكر هنيهة، فأخذ أذن الشخص فجذبها جذبة قوية، فرجعت عينه إلى موضعها.
ومن ذلك أيضا: أن محمد فال بن عمير التروزي، وكان منقطع النظير في حسان، شجاعة وكرما، أصابته رصاصة في جنبه، واختفت في جوفه، فما قدر أطباء أرضه، على معرفة علاجها، فمرض مدة طويلة، حتى انتفخت بطنه وقل لحمه، وبقى لا يقدر على الجلوس، فضلا عن القيام، وكان أحمد بن عبد الله بن أُداعه العلوي صديقا له، فقال له: أنا أعلم من يقدر على معالجتك، وهو ابن عمي أحمد المقري في تكانت، وكان يبعد نحو خمسة عشر يوماً، فذهب إليه وأحضره، فلما بلع اعمر ابن المختار رئيس الترارزة إنه حضر، بعث إليه، فلما دخل عليه، قال له: والله لا تقتل ابن عمي هذا إلا قتلتك، ومراده أن يخيفه حتى لا يعالجه، لأنه يحب موته لاستبداده عليه، حتى إنه كان هو الرئيس معنى، واعمر رئاسته لفظية، فأخرج موسى عنده، وقال له: والله لأدخلن هذا الموسى في جوفه حتى أواريه،