لأنه فهم غرضه، فلما تأمله، قال له: أتقدر أن تصف لي الحالة التي كنت عليها، حتى أصابتك الرصاصة؟ فقال له: لم يسألني طبيب قبلك عن هذه الحالة. فلما تأمله قال له: أنا أداويك بثلاثة شروط. أن لا تخالفني فيما أقول. وأن تصبر على ما أريد أن أفعل بك. وأن تعطيني ما أطلب منك، فالتزم له ما قال، فأمر بحطب جزل، فلما صار جمراً، تركه يتململ حوله، فأمر أناساً بإمساك يديه ورجليه، ليشق بطنه فأنف ابن عمير من ذلك. وقال له: أعطيني شيئاً صلباً أجعله في يدي، وافعل ما تريد، فشقه من بين ضلعين من أضلاعه، وجعل القيح يسيل،
حتى ملأ منه ثلاثة أقداح، فبرأ في مدة قليلة، وقال له: سل ما تريد من الدنيا. فقال: لا آخذ منك شيئاً، إلا أني آمرك بنصرة من في أرضك من قومي، فرجع إلى أرضه، ولم يأخذ منه شيئاً، غير جمل يبلغ عليه أرضه.
ولنتكلم على نبذة تتعلق بأطباء شنقيط، تباين صنيع أطباء المشرق: الطبيب في أرض شنقيط، إذا طلبه المريض لينظر في مرضه، لا يرى أن له بمجرد جسه أو إرشاده إلى علاج، أن يأخذ منه شيئا. ولو قل: وإنما يأخذ قليلا أن عالجه، مثل ثوب أو شاة، يسمونه ملح اليد. فإذا برأ صار له أن يأخذ شيئا. ولا يتكرر العلاج في مرض واحد. وأهل المروءة منهم، يعالجون الشخص. فإن برأ وطابت نفسه بشيء، يؤخذ منه. وإن لم يفعل، فلا يقولون له كلمة واحدة. وربما قاول بعضهم شخصا، إذا كان مرضه مزمناً، فن برأ أعطاه. وإن مات، ذهبت أتعاب الطبيب أدراج الرياح.