فيه دليل على جواز صلح الإمام لعدوه ما شاء من المدة. ويكون العقد جائزًا له فسخه متى شاء. وهذا هو الصواب, وهو موجب حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ناسخ له وذكر أيضًا صلحه لأهل خيبر عمالًا له يقرهم فيها ما شاء. وأن هذا الحكم منه فيهم حجة على جواز صلح الإمام لعدوه ما شاء من المدة فيكون العقد جائزًا له فسخه متى شاء. وصوبه أيضًا.
وفي قوله تعالى:{بَرَاءةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِين} إلى قوله {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ} الآيات: البراءة من المعاهدين إلا من كان له عهد إلى أجل. وهذا يبين أن تلك العهود كانت مطلقة ليست إلى أجل معين خلافًا لمن قال لا تجوز المهادنة المطلقة. ولا يجوز أن نقركم ما أقركم الله. حتى ادعى الإجماع في ذلك وليس بشيء.
(واشترطوا عليه أن من جاء منكم لم نرده عليكم) أي من جاء من المسلمين إلى كفار مكة لم يردوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ومن جاءكم منا رددتموه علينا) أي من أهل مكة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رده إليهم. فكره المسلمون ذلك. ولهما أن سهيلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. وفيه قالوا يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال "نعم من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا".