وقد اعتنى الشارع بتوضيح البيوعات الفاسدة لأنه يحتاج إلى بيانها لكونها على خلاف الأصل. لا البيوعات الصحيحة اكتفاء بالعمل فيها بالأصل. وعموم الآية يدل على أنه يجب اجتناب ما حرم من البيوعات، فيشترط لصحة البيع أن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة كما سيأتي.
(وقال:{إِنَّمَا الْخَمْرُ} وهو كل مسكر من أي شيء كان لقوله - صلى الله عليه وسلم - "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" وسميت الخمر خمرًا لمخامرتها العقل {وَالْمَيْسِرُ} أي القمار ومنه الشطرنج.
وكل شيء من القمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب والبيض {وَالأَنصَابُ} أي الأوثان سميت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها {وَالأَزْلاَمُ} يعني القداح التي كانوا يستقسمون بها {رِجْسٌ} أي خبيث مستقذر {مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} من تزيينه {فَاجْتَنِبُوهُ} أبلغ من اتركوه. فإن اتركوا لعدم الفعل. واجتنبوا تقتضي الترك والمباعدة والمجانبة {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} ثم قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}، أما الخمر فإنهم إذا سكروا عربدوا وتشاجروا. وأما الميسر فيبقى المقمور مسلوب المال مغتاظًا.
ثم قال تعالى:{وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ} أي يلهيكم عن ذكر الله ويشوش عليكم صلواتكم {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُون} وهذا تهديد وترهيب وزجر عن تعاطي تلك