نهى تعالى عن البيع وقت نداء الجمعة لئلا يتخذ ذريعة إلى التشاغل بالتجارة عن حضور الجمعة. والنهي يقتضي الفساد. وكالبيع الشراء لأن اسم البيع يتناولهما جميعًا. وخص لأنه من أهم ما يشتغل به المرء من أسباب المعاش. وكذا يحرم البيع قبل النداء لمن منزله بعيد في وقت وجوب السعي عليه. وهو الوقت الذي يمكنه إدراكها فيه. وتحرم المساومة والمناداة إذًا. وكذا لو تضايق وقت مكتوبة. وتقييده بالجمعة يفهم منه صحته لغيرها.
ويحرم إذا فاتته الجماعة وتعذر عليه جماعة أخرى {ذَلِكُمْ} الذي ذكرت من حضور الجمعة وترك البيع {خَيْرٌ لَّكُمْ} من المبايعة {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون} مصالح أنفسكم.
(وعن بريدة مرفوعًا) يعني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (من حبس العنب) ثمر الكرم أيام القطاف التي يقطف فيها الثمر (حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا) أي: عصير العنب (فقد تقحم النار على بصيرة) أي على علم بالسبب الموجب لدخول النار. وهذا وعيد شديد يوجب تحريم الفعل (حسنه الحافظ) ورواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان. ولفظه "ممن يُعلم أنه يتخذه خمرًا" وفي السنن وغيرها "لعن بائع الخمرة" ولعنت على عشرة وجوه.
وتحريم بيع العنب ممن يتخذه خمرًا مع القصد محرم إجماعًا. ويكره مع عدم القصد إذا شك في اتخاذه خمرًا وإلا جاز بلا كراهة. ويقاس على ذلك كل ما يستعان به في معصية لقوله