بالباطل والحلال بالحرام (فقد استبرأ لدينه) أي طلب البراءة لدينه (وعرضه) وهو الخليقة المحمودة أي طلب ما يصونه، يقال هو نقي العرض أي بريء من أن يعاب (متفق عليه) ولفظهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "الحلال بين" فما كان أصله الحل فتمسك به "والحرام بين" فما كان أصله الحرمة فتمسك بالأصل واجتنب المحرم. وهذا أصل كبير من أصول الأحكام "وبينهما أمور مشتبهات" أي تشتبه على بعض الناس دون بعض. ليس المراد أنها في ذاتها مشتبهة لا بيان لها في جملة أصول الشريعة. فإن الله لم يترك شيئًا إلا وقد جعل فيه بيانًا. ونصب عليه دليلًا. ولذا قال "لا يعلمهن كثير من الناس" فدل بفحواه أن بعض الناس يعرفها "فمن اتقى الشبهات" فلم يقدم إلا على بصيرة "استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات" اعتادها واستمر عليها أدته إلى أن "وقع في الحرام" تجاسر عليه فواقعه "كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه" فليتق الشبهات ليسلم من الوقوع في الحرام.
"ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب" وفي لفظ "فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك. ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان" فقسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام الأول الحلال البين الواضح. والثاني الحرام البين