قال رافع (إنما كان الناس يؤاجرون) أي يكرون أراضيهم للزرع ونحوه (على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فيكون لهم ما (على الماذيانات) مجاري الماء وما ينبت حول السواقي. والماذيانات الأنهار كلمة أعجمية (وأقبال الجداول) بفتح الهمزة أوائل السواقي جمع جدول. وهو النهر الصغير (وأشياء من الزرع) يعني مجهولة المقدار (فيهلك هذا) بكسر اللام (ويسلم هذا) أي ربما يهلك هذا وربما يسلم هذا دون الآخر (ولم يكن للناس كراء إلا هذا) يعني الشيء المجهول وهو غرر (فلذلك زجر عنه) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالبناء للمجهول. والمراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك لما فيه من الغرر المؤدي إلى التشاجر وأكل أموال الناس بالباطل.
فدل الحديث وما في معناه على تحريم المساقاة والمزارعة على ما يفضي إلى الغرر والجهالة. ويوجب المشاجرة. فلأحمد وأبي داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص أن أصحاب المزارع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقي. وما سعد بالماء مما حول النبت. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختصموا في ذلك فنهاهم أن يكروا بذلك (فأما شيء معلوم مضمون) الحفظ والعمل عليه حتى يسلم إلى أهل الأرض (فلا بأس به رواه مسلم) وروي من غير وجه بألفاظ متقاربة.