فدلت هذه الأحايث وغيرها على أن الأعلى تستحق أرضه الشرب بالسيل والغيل وماء البئر ونحوها قبل الأرض التي تحتها. وأن الأعلى في السيل ونحوه يمسك الماء حتى يبلغ كعبي الرجل الكائنين عند مفصل الساق والقدم. ثم يرسله بعد ذلك إلى من يليه. وهكذا. فإن كان الماء مملوكاً قسم بين الأملاك بقدر النفقة والعمل. وتصرف كل واحد في حصته بما شاء.
(وعن الصعب بن جَثَّامة) -رضي الله عنه- (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا حمى) أي لا مكان محمي من موات كثيرة العشب ونحوه (إلا لله ورسوله) - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز لأحد من الناس أن يحمي مواتاً يختص به (رواه البخاري) وأحمد وأبو داود وغيرهم. وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلاً مخصباً استعوى كلباً على مكان عال. فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب. فلا يرعى فيه غيره. ويرعى هو مع غيره فيما سواه. ومعناه أن يمنع من الإحياء في ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ. وترعاه مواش مخصوصة. ويمنع غيرها. وفرق بين الحمى المنهي عنه. والإحياء المباح مما لا منفعة للمسلمين فيه شاملة.
(وقال بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع) أصل النقيع كل موضع يستنقع فيه الماء. وهذا النقيع المذكور في هذا الحديث على عشرين فرسخاً من المدينة. قدره ميل في ثمانية أميال. وهو غير نقيع الخضمات. وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -