من هذا. ويشهد له الحال وأقلهم من يجوز ذلك ومنهم من لا يبلغ الستين وفي القرون الماضية كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك ولم يزل الخلق يضعف حتى صارت هذه الأمة هي آخر الأمم فمن انقطع خبره ولا يدري حياته وموته. له حالتان: حالة يكون الغالب عليه السلامة. كمن سافر لتجارة أو سياحة أو طلب علم أن نحو ذلك. انتظر به حتى يتيقن موته أو تمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها. وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم. وهو قول الشافعي والمشهور عن مالك وأبي حنيفة. لأن الأصل حياته.
واتفقوا على أنه لا يقسم ماله حتى تمضي مدة لا يعيش في مثلها. وعن أحمد ينتظر به تمام تسعين سنة منذ ولد لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر منها. والحالة الثانية يكون الغالب عليه الهلاك. كمن غرق في مركب فسلم قوم دون قوم. أو فقد من بين أهله. أو من بين الصفين. أو في مفازة مهلكة. أو نحو ذلك انتظر به تمام أربع سنين منذ فقد. وقد اتفق الصحابة على اعتداد امرأة المفقود بعد التربص هذه المدة. وحلها للأزواج بعد ذلك. وانقطاع خبره في تلك المدة يغلب على الظن هلاكه. ثم بعد مضي المدة يقسم ماله بين ورثته الأحياء. حين يحكم الحاكم بموته.
وإن مات مورثه في مدة التربص أخذ كل وارث إذًا اليقين. وهو ما لا يمكن أن ينقص عنه مع حياة المفقود أو موته.