(قال تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}) أي لا حرج عليكم بل قد أباح لكم تبارك وتعالى: {إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} أي ولم تمسوهن والمس النكاح {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} أي أو لم تفرضوا لهن فريضة أي توجبوا لهن صداقًا، فجوز الطلاق قبل الدخول والفرض. وإن كان فيه انكسار لقلبها، ولهذا أمر بامتاعها وتعويضها عما فاتها بشيء تعطاه من زوجها فقال {وَمَتِّعُوهُنَّ} أي أعطوهن من مالكم ما يتمتعن به والمتعة والمتاع ما يتمتع به من زاد وغيره ثم قال: {عَلَى الْمُوسِعِ} أي على الغني {قَدَرُهُ} أي قدر غناه {وعلى المقتر} أي على الفقير {قَدَرُهُ} أي إمكانه وطاقته {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} أي بما أمركم الله به من غير ظلم {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} فأعلاها خادم وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها.
قال ابن عباس أعلى المتعة خادم ثم دون ذلك النفقة ثم دون ذلك الكسوة، ولا يجبر الزوج على قدر معلوم إلا على أقل ما يقع عليه اسم المتعة، واستحب بعضهم المتعة لكل مطلقة لقوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ *} وقوله: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا *} واختاره شيخ الإسلام وغيره، وإنما تجب للمطلقة التي لم يفرض لها ولم يدخل بها، فهذه هي التي دلت الآية الكريمة على وجوب متعتها، وغيرها على الاستحباب جمعًا بين الآيات والأحاديث، هو قول جمهور العلماء، وكذا من سمي لها مهر فاسد.