الصلاح {بَيْنَهُمَا صُلْحًا} يعني في القسم والنفقة وغير ذلك، وذلك بأن تسقط عنه حقها أو بعضها من قسم أو نفقة أو كسوة ومبيت وغير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها فلا حرج عليها في بذلها ذلك له، ولا حرج عليه في قبوله منها.
قيل: نزلت في سودة لما عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فراقها صالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة، فقبل ذلك منها، وقيل في امرأة لها من زوجها أولاد فقالت: لا تطلقني ودعني أقوم على أولادي واقسم لي من كل شهرين إن شئت، وإن شئت فلا تقسم لي، وقال البغوي: هو أن يقول الزوج لها إنك قد دخلت في السن وإني أريد أن أتزوج شابة أوثرها عليك، فإن رضيت بهذا فأقيمي وإلا خليت سبيلك، فإن رضيت كانت هي المحسنة ولا تجبر على ذلك، وإن لم ترض كان عليه أن يعرفها حقها أو يسرحها.
ثم قال تعالى:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} أي من الفراق فإن إقامتها بعد تخييره إياها والمصالحة على ترك بعض حقها من القسم والنفقة خير من المفارقة بالكلية بل أبغض الحلال إلى الله الطلاق (وأحضرت الأنفس الشح) أي شح كل واحد من الزوجين بنصببه من الآخر (وإن تحسنوا) أي تصلحوا (وتتقوا) الجور، أو خطاب مع الأزواج بأن يحسنوا بالإقامة معها على الكراهية (وتتقوا) ظلمها (فإن الله) سبحانه (كان بما تعملون خيبرا) فيجزيكم بأعمالكم.