قال ابن رشد وغيره: اتفقوا على أن القذف الذي يجب به الحد أن يرمي القاذف المقذوف بالزنى، أو ينفيه عن نسبه إذا كانت أمه حرة مسلمة، وأن القذف إذا كان بهذين المعنيين أنه إذا كان بلفظ صريح أوجب الحد واتفقوا على أن حد القذف ثمانون جلدة للقاذف الحر والعبد على النصف للآية وغيرها، ولأن الله لم يجعله كالحر من كل وجه، واتفقوا على أنه يثبت بشاهدين عدلين حرين ذكرين، ولا خلاف أن الإمام يقيمه، وأنه يجب على القاذف مع الحد سقوط شهادته ما لم يتب.
واتفقوا على أن التوبة لا ترفع الحد وقال الشيخ: إذا تاب قبل علم المقذوف هل تصح توبته؟ الأشبه أنه يختلف باختلاف الناس، وقال أكثر العلماء إن علم به المقذوف لم تصح توبته وإلا صحت، ودعا له واستغفر، وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله فعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم، وتصح توبته وفي تجويز التصريح بالكذب المباح هنا نظر، ومع عدم توبته وإحسان تعريضه كذب ويمينه غموس، واختيار أصحابنا لا يعلمه، بل يدعو له في مقابلة مظلمته.
(وقال) تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ} أي يقذفون بالزنى {الْمُحْصَنَاتِ} العفائف {الْغَافِلَاتِ} عما قذفن به من الفواحش، لم يقع فعلها في قلوبهن {الْمُؤْمِنَاتِ} بالله ورسوله وما يجب الاعتقاد به {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} يلعنهم المؤمنون في الدنيا والملائكة في الآخرة، {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} لعظيم ذنوبهم، فعظم