فلا يبلغ به الحد كاملاً، لشبهة الشركة، فجعله تعزيزًا رادعًا لهذا وأمثاله، وتقدم أن التعزير بحسب المصلحة.
(وروي أنه) أي أن عمر رضي الله عنه (ضرب رجلاً مائة) أي مائة جلدة (على عملة خاتمًا على نقش خاتم بيت المال) وأخذ من بيت المال (وكلم فيه) إذا لم ينته (فضربه أخرى) فلم ينته عن الأخذ من بيت المال (ثم نفاه) فدل على أن التعزير بحسب المصلحة وعلى قدر الجريمة، قال الشيخ وتلميذه وغيرهما من السلف: التعزير منه ما يكون بالتوبيخ، ومنه ما يكون بالحبس ومنه ما يكون بالنفي من الوطن، ومنه ما يكون بالضرب، وإذا كان على ترك واجب كأداء الديون والأمانات والزكاة والصلاة فإنه يضرب مرة بعد مرة، حتى يؤدي الواجب، وعلى جرم ماض فعل منه مقدار الحاجة، وليس لأقله حد.
واختلف في أكثره على أقوال، أحدها أنه عشر جلدات، والثاني أقل الحدود، والثالث أنه بحسب المصلحة، وعلى قدر الجريمة، فيجتهد فيه ولي الأمر، والرابع وهو أحسنها أنه لا يتقدر لكن إن كان التعزير فيه مقدر فلا يبلغ على المباشرة حد الزنا، ولا السرقة من غير قطع حد القطع ونحو ذلك، وهذا أعدل الأقوال، وعليه دلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، فقد أمر - صلى الله عليه وسلم - بضرب الذي أحلت له امرأته جاريتها مائة جلدة، ودرأ عنه الحد بالشبهة، وأمر أبو بكر وعمر بضرب رجل وامرأة وجدا في لحاف واحد مائة مائة، وأمر بضرب الذي