(وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأسامة) بن زيد رضي الله عنهما، وذلك أن قريشًا أهمهم أمر المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من يجترئ عليه إلا أسامة، فكلمه فيها، فقال:«أتشفع في حد من حدود الله» أي أن يترك وكان قد سبق علم أسامة بأنه لا شفاعة في حد.
فاستفهامه استفهام إنكار (ثم خطب فقال: أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم) من الأمم الماضية (أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه) فلم يقيموا عليه الحد (وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) وجاء "وإذا سرق فيهم الوضيع قطعوه"(متفق عليه) وفيه "وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" وهي رضي الله عنها قد أعاذها الله من أن تسرق، وإنما قاله مبالغة في تثبيت إقامة الحد.
فدل الحديث على النهي عن الشفاعة في الحدود وفي رواية أنه قال لأسامة لما شفع «لا تشفع في حد، فإن الحدود إذا انتهت إلي فليست بمتروكة» ولأبي داود من حديث عمرو بن شعيب «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب» ومن حديث ابن عمر «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره». وقال الوزير: إذا بلغ الإمام فلعن الله الشافع والمشفع، ويأتي قوله لصفوان «هلا كان ذلك قيل أن تأتيني به» وغير ذلك مما فيه النهي عن الشفاعة في الحدود إذا