للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه عزيمة. وقال ابن القيم: الباغي الذي يبتغي الميتة مع قدرته على مباح غيرها، والعادي الذي يتعدى قدر الحاجة، وقال الشيخ: غير باغ ولا عاد، صفة لضرورة الباغي، الذي يبتغي المحرم مع قدرته على الحلال، والعادي الذي يتجاوز قدر الحاجة، كما قال: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} وهذا قول أكثر السلف، وهو الصواب بلا ريب.

وقال: وليس في الشرع ما يدل على أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة، ولا يقصر، ولا يفطر بل نصوص الكتاب والسنة عامة مطلقة، كما هو مذهب كثير من السلف، وهو مذهب أبي حنيفة، وأهل الظاهر، وهو الصحيح اهـ، فدلت الآيتان على إباحة المحرمات عند الاضطرار، حضرًا وسفرًا، لأنها مطلقة غير مقيدة، ولأن الاضطرار يكون في الحضر والسفر، ولفظ {فَمَنِ اضْطُرَّ} عام في كل مضطر وفسر بعضهم غير الباغي أنه غير الطالب ما ليس له طلبه، بأن يأخذ ذلك من مضطر آخر مثله {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} لا يؤاخذه بذلك.

قال الشيخ: والمضطر يجب عليه أكل الميتة في ظاهر مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم، لا السؤال قال: وليس له أن يعتقد تحريمها حينئذ ولا يكرهها، وإباحتها له لأن مصلحة بقاء النفس مقدم على دفع تلك المفسدة، مع أن ذلك عارض لا يؤثر اهـ، ومن محاسن الشريعة تحريم الميتة لما فيها من خبث التغذية، فإن اضطر إليها أبيحت له، وانتفى وجه الخبث منها

<<  <  ج: ص:  >  >>