(قال تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} أي لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة، فإن اللغو كل مطرح من الكلام لا يعتد به، وروي أنه قول الرجل: لا والله بلى والله من غير قصد في الكلام، وقيل في الهزل، وقيل في المعصية، وقيل على غلبة الظن، وقيل في النسيان، وقيل هو الحلف على ترك المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك والمقصود أنه اليمين من غير قصد ولا عقد.
{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ} أي يعاقبكم ويلزمكم {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} أي بما صممتم عليه منها، وقصدتموها وتعمدتموها، وفي قراءة "عاقدتم" بالألف، وفي قراءة بالتشديد، أي وكدتم (وعقدتم) أصله عقد أحدهما يده بيد الآخر {فَكَفَّارَتُهُ} أي ما تعمدتموه {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} إلى قوله {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} قال ابن القيم: فهذا صريح في أن كل يمين منعقدة، فهذا كفارته ويأتي.
(وقال) تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أي عزمتم وقصدتم إلى اليمين، وكسب القلب العقد والنية، وقال ابن عباس: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، وهذه الآية كالتي قبلها وهي قوله:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ولا تنعقد اليمين إلا بالله أو باسم من أسمائه أو صفة