للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلف بالأمانة، حيث تبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأمانة تقع على الطاعة والعبادة، والوديعة والأمان وغير ذلك، وإذا قال الحالف: وأمانة الله كعهد الله، فيمين وتقدم.

وإن حلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم تنعقد يمينه، وهو مذهب الجمهور أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحد القولين لأحمد لما تقدم من قوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" وقوله "لا تحلفوا إلا بالله" وغيرهما، وأما الحلف بالعتاق والطلاق، فقال الشيخ في موضع: لا يكره لأنه لم يحلف بمخلوق، ولم يلتزم لغير الله شيئًا، وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر، والالتزام لله أبلغ من الالتزام به، بدليل النذر له واليمين به، ولهذا لم تنكر الصحابة على من حلف بذلك، كما أنكروا على من حلف بالكعبة.

وقال ابن القيم في قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} الآية: فهذا صريح في أن كل يمين منعقدة، فهذا كفارتها، وقد أدخلت الصحابة في هذا النص الحلف بالتزام الواجبات، والحلف بأحب القربات المالية إلى الله، وهو العتق كما ثبت ذلك عن ستة منهم، ولا مخالف لهم من بقيتهم، وأدخلت فيه الحلف بالبغيض إلى الله وهو الطلاق، كما ثبت ذلك عن علي، ولا مخالف له منهم، فالواجب تحكيم هذا النص العام والعمل بعمومه، حتى يثبت إجماع الأمة إجماعًا متيقنًا على خلافه، فإن الأمة لا تجتمع على خطأ ألبتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>