الوفاء به إجماعًا، ويصرف في المصالح، ما لم يعلم ربه، ومن الجائز صرفه في نظيره من المشروع، ومن نذر قنديلاً يوقد للنبي - صلى الله عليه وسلم - صرفت قيمته لجيرانه - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل من الختمة.
(ولأحمد عن عمرو بن شعيب) عن أبيه، عن جده رضي الله عنه (مرفوعًا: لا نذر إلا ما ابتغى به وجه الله) فلا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد، كما تقدم (وفي قصة كعب) بن مالك رضي الله عنه، وكان من الثلاثة الذين تاب الله عليهم، فأراد كعب أن يتصدق بجميع أمواله شكرًا لله، على قبول توبته، فإنه قال: يا رسول الله (إن من توبتي) أي من تمامها أو من نفس توبتي (أن انخلع من مالي) أي أعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه وتجرد منه (صدقة لله ورسوله) أراد أن يؤكد أمر توبته بالتصدق بجميع ما يملك، شكرًا لله على ما أنعم به عليه، وليس بظاهر في صدور النذر منه.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسك عليك بعض مالك) ولم يجز له الجميع وقال: (فهو خير لك، متفق عليه) فدل الحديث على أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله، أن يمسك بعضه، ولا يلزم أنه لو نجزه لم ينفذ، وقيل: يختلف باختلاف الأحوال، فمن كان قويًا على ذلك، يعلم من نفسه الصبر لم يمنع، وعليه يتنزل فعل أبي بكر، وإيثار الأنصار على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن لم يكن كذلك فلا، ويشهد لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صداقة إلا عن ظهر غني» ونحوه.