أقسام الشرع المنزل وهو الكتاب والسنة، واتباعه واجب، ومن خرج عنه وجب قتاله، ويدخل فيه أصول الدين وفروعه، وسياسة الأمراء، وولاة المال، وحكم الحاكم، وولاة الحسبة، وغير ذلك، وكلهم يجب عليهم أن يحكموه ولا يخرجوا عنه، والثاني المتأول، وهو مورد النزاع، وهو الاجتهاد بين الأئمة، فمن أخذ بما يسوغ فيه الاجتهاد أقر عليه، ولم يجب على جميع الناس موافقته، إلا بحجة شرعية لا مرد لها من كتاب الله وسنة رسوله؛ والثالث الشرع المبدل مثل ما ثبت بشهادات الزور، ويحكم فيه بالجهل، أو يؤمر فيه بإقرار باطل، مثل تعليم مريض أن يقر لوارث بما ليس له، والأمر به حرام، والشهادة عليه محرمة، والحاكم إذا علم باطن الأمر وأنه غير مطابق للحق، فحكم به كان جائرًا آثمًا.
(وعن عمرو بن العاص) رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا اجتهد الحاكم) أي اجتهد قبل الحكم (فأصاب) أي وقع اجتهاده موافقًا لحكم الله (فله أجران) أجر الاجتهاد وأجر إصابة الحكم، (وإذا اجتهد فأخطأ) أي لم يوافق ما هو عند الله من الحكم. (فله أجر) واحد على الاجتهاد في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادة، ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان جامعًا لأصل الاجتهاد عارفًا بالأصول، عالمًا بوجوه القياس، فأما من لم يكن محلاً للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر للحديث