فمن جهة الإثبات هو شاهد، ومن جهة الأمر والنهي هو مفت، ومن جهة الإلزام بذلك هو ذو سلطان، واتفقوا على أنه يحكم في كل شيء من الحقوق، سواء، كان الحق لله أو لآدمي، وأنه نائب عن الإمام الأعظم في هذا المعنى، وحقيق بمن أقيم بهذا المنصب أنه يعد له عدته، وأنه يتأهب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه، ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به.
وقال ابن القيم: لما كان التبليغ عن الله يعتمد العلم بما يبلغ، والصدق فيه، لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية، والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق فيكون عالمًا بما يبلغ به صادقًا فيه، ويكون مع ذلك حسن الطريقة، مرضي السيرة، عدلاً في أقواله وأفعاله اهـ، وأقل ما يشترط فيه صفات الشاهد باتفاق العلماء، لأنه يجب عليه الحكم بالعدل، وذلك يستلزم أن يكون عدلاً في نفسه.
(وفي السنن عن بريدة مرفوعًا: القضاة ثلاثة) أي ينقسم القضاة إلى ثلاثة اقسام (إثنان في النار وواحد في الجنة)
وكأنه قيل: من هم؟ فقال:(رجل عرف الحق فقضى به فهو
في الجنة) فلا بد من العلم والعمل (ورجل عرف الحق فلم
يقض به) وقضى بالظلم (وجار في الحكم) فتعدى الحكم الشرعي عامدًا (فهو في النار) لجوره (ورجل لم يعرف الحق) ليقضي به (فقضى للناس على جهل) وإن وافق الحق (فهو في