للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض) أي أفطن للحجة، وأعرف بها من غيره، أو أبلغ في إيراد الكلام، وأحسن كما في رواية (فأقضي له بنحو مما أسمع) أي من الدعوى والإجابة والبينة أو اليمين، وقد تكون باطلة في نفس الأمر (فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا) أي قضيت له بحسب الظاهر إذا كان في الباطن لا يستحقه، فلا يأخذه (فإنما أقطع له

قطعة من النار) أي فهو عليه حرام، يئول به إلى النار (متفق عليه).

وذلك بحيث تكون حجته باطلة في نفس الأمر فيقتطع من مال أخيه قطعة من النار، باعتبار ما يئول إليه، وهذا تمثيل منه - صلى الله عليه وسلم - يفهم منه شدة التعذيب على ما يتعاطاه بكذبه وفجوره في دعواه على أخيه المسلم، واقتطاع ماله بذلك، وفي الحديث دليل على عظم إثم من خاصم في باطل، حتى استحق به في الظاهر شيئًا هو في الباطن حرام عليه، وأن من احتال الأمر باطل بوجه من وجوه الحيل، حتى يصير حقًا في الظاهر ويحكم له به، أنه لا يحل له تناول في الباطن، ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم له به.

وفيه دليل أيضًا مع ما تقدم على أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم، بل يؤجر على اجتهاده كما في الصحيح "وإن اجتهد فأخطأ فله أجر" قال الحافظ وفيه أن من ادعى مالاً ولم يكن له بينة فحلف المدعى عليه، وحكم الحاكم ببراءة

<<  <  ج: ص:  >  >>