(فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه) قال تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} فمن فعل ذلك (كفاه الله ما بينه وبين الناس) وفي الحديث "من أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس" والمخلص في العمل قد يجعل الله له ثواب إخلاصه: المحبة والمهابة في قلوب الناس، مع ما يدخره له في الآخرة (ومن تزين بما ليس فيه، شانة الله) أي بين الناس، لأنه شان باطنه عند الله، فعامله بنقيض قصده.
(فإن الله لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصًا) له وموافقًا شرعه وقال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} أخلصه وأصوبه، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة (فما ظنك بثواب عند الله) يجزيك به على عملك إذا كان خالصًا وذلك الثواب يكون (في عاجل رزقه) إما للقلب وإما للبدن أولهما فإن الله تعالى يجزيك من خير الدنيا (و) كذا (خزائن رحمته) يكون مدخرًا لك في الآخرة، وليس ما يحصل في الدنيا جزاء توفيه بل يكمل له أجره في الآخرة، قال تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} فمن أخلص لله في أعماله في القضاء بين الناس أو غيره، نال الثواب الجزيل في الدنيا والآخرة.