تقدير الشارع لها. والأمر بالإيتاء يوم الحصاد يقتضي الفورية. وكذا قوله {وَآَتُوا الزَّكَاةَ} ولأن المؤخر يستحق العقاب. ولو جاز التأخير لكان إما إلى غير غاية وهو مناف للوجوب. أو إلى غاية ولا دليل عليه.
ولأنها عبادة تتكرر فلم يجز تأخيرها. ولأنه إن طالبه الساعي بها اقتضت الفورية إجماعا فكذا بطلب الله تعالى. وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وبعض الحنفية وجمهور العلماء. ولأن حاجة الفقير ناجزة وربما أدى التأخير إلى الفوات ولأن النفوس طبعت على الشح فربما أدى التأخير إلى البخل بالواجب والتعجيل أخلص للذمة وابعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب.
(عن ابن عمر مرفوعا) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) بدأ بها لأنها أصل الدين الذي لا يصح شيء منه إلا بها. وهي تقتضي شهادة أن محمدا رسول الله. وجاءت في هذا الحديث وغيره مقرونة بها {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} المفروضة "فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" فجعل غاية المقاتلة وجود ما ذكر. وثبت أيضا أنه قال "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به" فإذا قالها وجب الكف عنه حتى يختبر. فإن التزم أحكام الإسلام قبل منه وإلا قوتل.