فمعناه التصدق عن ظهر غنى. حتى لا يبقى كلا على الناس كما سيأتي.
قال {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي يقدمون المحاويج على أنفسهم ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون به. وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ما عندي إلا الماء.
ثم الأخرى مثل ذلك. ثم قال "من يضيفه يرحمه الله" فقال أبوطلحة أنا. فقال لامرأته هل عندك شيء قالت لا. إلا قوت صبياني. قال علليهم بشيء ونوميهم. فإذا دخل ضيفنا فأريه أنا نأكل. ثم اطفئ السراج ففعلت.
فلما أصبح قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عجب الله من صنيعكما" فنزلت الآية. ثم أثنى الله عليهم فقال {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فالذين أنفقوا الفضل قد لا يكون لهم إليه حاجة. ولا ضرورة. وهؤلاء آثروا على أنفسهم لشدة ثقتهم ومن هذا المقام تصدق الصديق بجميع ماله. ويأتي أنه يختلف باختلاف أحوال الناس.
(وفي الصحيحين) وغيرهما (من حديث أبي هريرة) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) ولسعيد بن منصور من حديث سلمان في ظل عرشه